التطور.. مقدمة قصيرة مبسطة
مقدمةالكلام حوالين نظرية التطور في المجتمع العربي هو دايما محل جدل طبعا، جدل محتدم، وده دفع بالموضوع ناحية حالات من التبرير والنقاش في قضايا جزئية وعدم الالتفات لجوهر النظرية ذاته والآليات اللي بتفترضها البيولوجيا التطورية لمسيرة الحياة على الكوكب، بمعنى أنه حتى المجموعة اللي عندها معرفة جيدة بالبيولوجيا التطورية سابت الأساسات، واندمجت كجزء من معارك نسب الحوت وتصميم العين والسوط البكتيري وتطور الإنسان.. إلخ.
علشان كده لما بتدخل على "فيس بوك" أو حتى على جوجل بالعربي تدور على مصدر واحد بيتكلم في البيولوجيا التطورية نفسها، هتلاقي أنك جوة ساحة حرب وعدد مصادرك يساوي صفر، عدا الشغل الاحترافي اللي موجود على ويكيبيديا، واللي حطه الدكتور أحمد شوقي لكن مشكلته في صعوبة فهمه، المجتمع العربي ميعرفش أي حاجة عن العلم Science بتاع النظرية والجميع مشغولين في حروب أيديولوجية عقيمة، لذلك بشكل ما حسيت إني "مضطر" اكتب عن النظرية، بمعنى أدق عن العلم Science بتاع أساسات نظرية التطور.. زي ما بتقوله المراجع.
لذلك الهدف من مجموعة المقالات غير المنتظمة دي مش هيبقى الدخول في حرب مع حد، ولا الوقوف على نقط جزئية، لكننا هنشرح أساسات البيولوجيا التطورية بالضبط زي ما بيقولها المرجع الأشهر والأكثر مبيعاً بين طلاب البيولوجيا في العالم كله: Campell Biology، الطبعة العاشرة تحديدا، مع مجموعة من المصادر الأخرى الجانبية اللي هذكرها بالطبع وقت ما ألجأ ليها، من هنا بيطلع سبب صعوبة مهمتي: هل فعلا ممكن تبسيط النوع ده من الكتابة العلمية؟ هل ممكن تتغلب على برود المصطلح العلمي وتكراره؟ هل ممكن يبقى الموضوع مش ممل رغم كده؟
أنا شايف أن ده ممكن، وأنه تحدي جيد ليا وتأكيد عملي لفكرتي اللي بروج ليها دايماً عن أن الجميع ممكن يفهم التعقيدات لحد درجة أعمق، وأن السطحية بتودي في داهية، المهم، المقالات هتتكتب بالعامية المصرية للتسهيل، المصطلحات الإنجليزي هتتحط علطول علشان تساعدك في البحث فيما بعد لو تحب، وتفتح ليك الباب أكتر، وده هدف أساسي ليا هنا، بمعنى أنك لو دخلت دورت في جوجل هتلاقي كلام كتير جدا عام للغاية وهتُنهك فعليا لمجرد بحثك عن كلمة زي: Evolution، لكن لو جيت تدور على حاجة زي: Speciation أو Evolutionary Development هتلاقي طريقك أسهل بكتير، من هنا جات الفكرة رقم 2 في عرضي للبيولوجيا التطورية، أنت مش محتاج شرح بقدر ما أنت محتاج شجرة تتفرع قدامك وتفهم شكلها أولاً قبل أي إقدام على خطوة أخرى.
الموضوع مش هيحتاج لمصادر خارجية، على طريقة نيكولا بورباكي أنا هبدأ من الصفر، متتخضش من المصطلحات كلها هتتشرح بسهولة، وهنبدأ بمقدمة جيدة لأساسات البيولوجيا اللي هتحتاجها في فهم نظرية التطور.
أنا هحاول أبسط قدر الإمكان، الحقيقة كل واحد بيكتب هيواجه دايما إغراء الكتابة بأسلوب بليغ مع مصطلحات علمية، دي حاجة زي لعنة كده، لكن أنا هحاول دايما أكون بسيط للغاية، لكن عسى أن ميتفهمش من ورا ده إني بهرتل أو بقول رأي شخصي، لأ، أنا ببسط بحيث الموضوع يبقى مفهوم بداية من طالب الإعدادية لحد الكبار.
للأسف الموضوع ممكن يطول، لكن معرفش اختصر أكتر من كده، أي اختصار زيادة هيشمل أجزاء أساسية تخل بالنظرية، لو حابب تعرف عن نظرية التطور فمش هتلاقي أقل من كده.
خلال المقال هنوضح بعض المغالطات المشهورة ومدى تأثيرها على فهم النظرية، مغالطات نظرية تطور بتهدم النظرية مش مجرد أنها مغالطة، ولذلك في كتير من الأحيان بتبقى متعمدة لتشويش الناس.
المقالات هتتكلم عن نظرية التطور على كل المستويات، وهنا لازم نوضح أن الكلام اللي قاله داروين حاجة ونظرية التطور بصورتها الحديثة حاجه تانية، ده لان فيه جزئين أساسين من العلم مكانش داروين يعرف عنهم حاجة في أثناء ما حط تصوره.
1- الوراثة Heridity و قواعدها اللي اسس ليها مندل
2- البيولوجيا الجزيئية و التطورات في فهم الDNA
فيه حاجة اسمها "الداروينية الحديثة New darwinism" و"التطور الإنمائي Evolutionary Development" ومصطلحات كتيرة وأساسات جديدة ظهرت للنظرية بعد داروين ولحد دلوقت.. وأخيراً خلينا نفهرس النقط اللي هنتكلم فيها، علماً بأن كل مصطلح معقد من اللي جايين دول هيتم تبسيطه لأقصى درجة وهتتمكن من فهمه:
1- ما هو التطور؟
2- أدلة حدوث التطور
3- ميكانيزم التطور: الانتخاب الطبيعي Natural Selection ( معناه، طرق حدوثه، أنواعه، التطور التكيفي).
4- ميكانيزم التطور: الانتواع Speciation ( كيفية ظهور أنواع جديدة، أنواع الانتواع).
5- ميكانزم التطور: نمط التطور، التطور التفرعي، التشعب التكيفي.
6- وتيرة التطور: التوازن المتقطع، التطور التدريجي.
7- ميكانزم التطور: الانحراف الجيني Genetic Drift.
8- ميكانيزم التطور: علم الوراثة في التجمعات الحيوية Population Genetics، معادلة هاردي واينبرج.
9- ميكانيزم التطور: تطور الجينوم، التطور الإنمائي Evo-Devo.
مع إضافات : مقدمة في الوراثة، أساسات البيولوجيا الجزيئية.
بشكل شخصي- والجزء اللي جاي ده ملوش أي دعوة بالعلم طبعاً ولا باللي هيتشرح خلال المقالات اللي جاية - بفترض دايما أنه لا يمكن فهم الكون ده إلا في إطار كل من التفاضل والتكامل، الميكانيك الكمومي، ونظرية التطور، بالذات نظرية التطور هيا حجر الفلاسفة الأثير بتاعي، كانت صاحبة التأثير الأقوى عليا ما بينهم، التطور بكل بساطة بيعلمك أنه لا يمكن لشيء أنه يبقى على حاله، بفتكر هنا كلمة الفيلسوف العظيم هرقليطس اللي قال "إنك لا تدخل النهر ذاته مرتين"، يعني كل مرة النهر اتغير لو أنت نزلته النهاردة وبكرة فأنت منزلتش نفس النهر، هو ده طبع العالم، التغير، الحركة، السكون يعني الموت. الرأي ده اعتنقته أكتر لما اتعلمت عن التموج الكمومي للفراغ Quantum fluctuations.
إحنا في طاحونة عظيمة اسمها الوجود، لذلك لا ترتبط بشيء ولا بشخص، في النهاية كل شيء هيتغير، المدارس القديمة هتتهدم، البيوت أهاليها هيروحو، الكتب هتتقطع.. كل شيء بيتغير على كل المستويات.. قد يبدو ده بائس في البداية لكنه في النهاية بيدعم طريقك ناحية فهمك للسعادة .. السعادة هيا أننا نستمر.. نكافح من أجل البقاء.. من أجل اللي بنحبهم.. دايما ومع كل تغير نتكيف.. ننتقي الأفضل ونحافظ عليه ونضع الأسوأ جانباً.. ننتخبه.. نكمل طريقنا ناحية المستقبل بدون أي معرفة مسبقة بيه، مش بالضرورة نعرف المستقبل لكننا أقوى من أن المجهول يغلبنا.. بتختار أنك تمضي قدماً.
خلينا نجرب الرحلة البسيطة دي مع التطور، خلينا نشوف.
اصطلاحات هامة
في الجزء ده خلينا نتعرف على مجموعة من المصطلحات المهمة اللي هتفيدنا على مدى الشرح، وكتير هنيجي على ذكرها، الحقيقة واحدة من أكبر المشكلات اللي بيواجهها المتناقشين في التطور أو اللي عاوزين يتعلموه هي أزمة المصطلحات دي، حاجات بسيطة جدا زي "حفرية" أو "تجمع حيوي" أو الفروق بين "صفة ظاهرية وصفة جينية"، ممكن تعمل لبس عظيم ، لذلك خلينا نسرد مجموعة من المصطلحات ونبسطها، بحيث نتمكن من امتلاك أول أدواتنا في رحلتنا مع البيولوجيا التطورية.
الحفرية Fossils
بقايا وآثار كائنات حية عاشت قبل زمنا الحالي بفترة كبيرة جدا، هي دليل على وجود الكائن ده زمان جدا جدا، زي عظام الديناصورات مثلا، واللي عرفنا منها أن كان فيه ديناصورات، الحفريات ليها أنواع كتير، ممكن تكون حفرية كائن كامل زي الماموث اللي حفظه الجليد، ممكن جزء من كائن زي سنة أو رجل أو إيد أو جمجمة، ممكن بقايا آثار كائن على صخرة بحيث يكون الكائن مات وبقت نسخة منه على الصخره اللي مات عليها، زي مثلا ما تحط إيدك على الرمل جنب البحر وتشيلها فتسيب أثر، لو في العصر القديم بقا مشى حيوان على صخر في بداية تكوينه فيفضل أثر رجليه باقي لحد دلوقت، حفريات الحشرات ممكن تبقى جوة الأحجار الكريمة لما وقعت عليها مادتها وحفظتها المادة ديه على مدى السنين.
النوع Species
هو وحدة التصنيف الحيوي الأساسية، بيحسب الأفراد من نفس النوع أن كان ممكن ليهم أنهم يتجوزو من بعض ويخلفوا أطفال خصبة، يعني مش عقيمة، فيه تعقيدات كتير في الموضوع ده بس خلينا نلخصها في الحتة دي دلوقت (نوع واحد = إمكانية حدوث تزاوج وإنتاج نسل خصب).
التجمع الحيوي/الجماعة population
هوا تجمع لمجموعة من الأفراد من نفس النوع Species، فئران مثلا، قطط، كلاب، بشر، فول، رز .. الخ).
الوراثة Heridity
هي عملية نقل الصفات من جيل لجيل، يعني مثلا أبوك طويل بتطلع أنت طويل زيه، عنيه خضرا بتطلع عنيك خضرة زيه.
الصفة Trait
أي صفة .. لون العين، لون الشعر، طول جزء معينم الجسم، مدى انحنائه، أي صفة في الإنسان.
الصفات السائدة والمتنحية
قوانين الوراثة بتقول إن بعض الصفات بتغلب بعض الصفات وبتقعدها على جنب، يعني مثلا لون العنين البني سائدة، و الزرقا متنحية، قوم لو حصل و اتقابلوا مع بعض في أثناء التزاوج تقوم البني تغلب ويطلع أطفال لون عنيها بني، الموضوع ده هنوضحه أكتر كمان شوية
الصفة الظاهرية/الطرز الظاهرية Phenotype
دي هي الصفات اللي اتكلمنا عنها فوق، بعض الصفات بتبقى بسبب الجينات اللي جوة عندك، زي مثلا لون شعرك أو طل رجلك، لكن فيه صفات أخرى ملهاش دعوة بجيناتك، زي مثلا لما تقعد على البحر ف الصيف وتعمل تانينج وتسمر، أو لما تلعب حديد وتكبر عضلاتك، الصفات الجينية بس هي اللي ممكن تورثها لولادك، أما الصفات اللي ملهاش دعوة بجيناتك بتموت معاك.
الصفة الجينية / الطرز الجينية Genotype
هي صفاتك اللي ليها علاقة بجيناتك وبتظهر فيك لما بتتولد وبتورثها عن أهلك زي ما قلنا في التعريف اللي فات، الصفة اللي على الجين بتترجم وتظهر عليك.
الـDNA
الحمض النووي الديؤكسي ريبوزي، و بعيداً عن التعريف العلمي خلينا نقول إن ده هو مركب كيميائي ضخم جداً جدا موجود في نواة كل خلية من خلايانا، متكون من مجموعة من الوحدات اللي مربوطة في بعضها، الوحدات دي اسمها نيوكليوتيدات(قواعد نيتروجينية)، مربوطة مع بعضها في شكل لولب مزدوج، عليه كل المعلومات الخاصة بيك من أول لون عنيك لحد تركيب كل خلية ووظيفتها في جسمك وربما طبعك وصفات شخصيتك على مستوى ما، عليه كل معلومات تطورك من طفل لحد كائن كبير و وظائف كل أعضائك، الكتالوج بتاعك يعني، الDNA بتاع كل كائن هو صفه خاصة بيه، بتاعك غير بتاع الورده غير بتاع الكتكوت، كل واحد منكم ليه دي إن ايهوه.
نقطة تانية مهمة أن المعلومات بتتكتب على الDNA عن طريق التسلسل بتاع النيوكليوتيدات على اللولب المزدوج اللي قلنا عليه، Double Helix، يعني النيوكليوتيدات ديه 4 أنواع بس، اختصاراً نسميهم C، A ،G، T على حسب أول حرف من اساميهم ، المعلومة اللي بيعنيها التتابع "CTAGGGATC" غير المعلومة اللي بيعنيها "TTTCGATAG" يعني الموضوع عامل زي الشفرات كده، أربع حروف وبنعمل منها شفرة خلونا نقف لحد هنا واللي عاوز أكتر ممكن يدور على ويكيبيديا
الجينGene
هو حتة من على الDNA مسؤولة عن وظيفة معينة، تتابع للنيوكيتيدات بترتيب معين، يعني مثلا عندنا عشرين نيوكليوتيدة ورا بعض بترتيب معين من ال ATCG اللي قولنا عنهم، ساعات يبقا فيه جين قصير و ساعات يبقى طويل جدا، الجين مسؤول عن وظيفة أو صفة معينة يعني مثلاً فيه مجموعة من الجينات مسؤولة عن عين الإنسان.
ساعات يبقا جين واحد مسؤل عن صفة واحدة ، و ده بيبقا مثلا في الحشرات و بتبقا الصفة ساعتها اسمها "صفة احادية الجين Pleiotropic Trait"، زي مثلا الجين المسؤول عن لون ذبابة الفاكهة
ساعات تبقى مجموعة جينات مسؤولة عن صفة واحدة لما بتكون صفة معقدة ساعتها بنسميالصفة دي polyGenic Trait صفة متعددة الجين.
الكروموسومChromosome
هوا الشكل النهائي اللي بيتلف جواه الDNA، شبه العصاية كده، كل كائن ليه عدد معين من الكروموسومات، الإنسان عنده 46 كروموسوم، في شكل 23 زوج، الشمبانزي 48، القطة 38، الفار40، الديك الرومي 82، الخيار14، الفجل 18، الأرز 24، كل كائن حية في هذا العالم ليه عدد كروموسومات معين بيحدد كونه الكائن ده، و طالما الDNA عليه الجينات يبقى الكروموسومات ديه هيا اللي شايلة كل معلومات حضرتك في صورة جيناتك، كل كروموسوم بيشيل حوالي 60-100 ألف جين.
الطفرة Mutation
هيا تشوه عشوائي للـ DNA في تركيبه، ساعات بيبقا بسبب تعرض الكائن لأشعة ضارة أو ظروف قاسية وساعات بيبقى طبيعي تلقائي ،Spontaneous mutation، يعني مثلا واحدة من النيكليوتيدات اللي اتكلما عنها ديه تتحذفDeletion، أو تتحط واحدة جديدة من برةInsertion ،او أن قطعة من الDNA ده تتحط مكان قطعة تانية Substitution.
طبعاً ده معناه أن تتابع النيوكليوتيدات هيتغير، يبقى الشفرة هتتغير، يبقى وظيفة الجين هتتغير، و ده ليه تأثير في صفات ظاهرية لأن الجين زي ما قولنا مسؤول عن الوطائف والصفات بتاعتك، يعني ممكن مثلا يحصل لعب في جين لون العنين تقوم تبقى خضرا بدل بنية، ممكن يحصل طفرة في جين الجدار الخلوي لخلية أميبا يقوم يتلوى شوية أو يتخرم أو يبقا أكثر سمكا أو أي حاجه، تحصل طفرة في جين تكوين العنين في طفل يطلع اعمى، النماذج ديه بنشوفها كتير على الفيس: طفل براسين، تمساح ب50 رجل، الحق معرفش ايه لقو طفل طالعله شعر زي معرفش ايه .. إلى آخر اللست، كل ديه طفرات ، الطفرات اللي بتسبب تشوهات و مشاكل كتيرة، فيه طفرات ممنهاش فايدة ولا ضرر، وفيه طفرات مفيدة، زي مثلا الطفرات اللي بتخللي البكتريا مقاومة لمضاد حيوي جديد، أو الصراصير لما تقاوم البيروسول.
تخليق البروتين Protein Synthesis
عملية ترجمة الشفرة اللي على الـ DNA لبروتين، يعني بالضبط زي ما تقدم رسم هندسي لمهندس مدني وتقول له ابنيهولي، يقوم يبنيهولك، وده بيتم لما مركب طويل برضك بس من شريط واحد اسمه RNA، يدخل للنواة ينسخ شريط الـ DNA ويطلع برة على جهاز في الخلية اسمه الريبوسوم ويقوم بترجمة كل شفرة للبروتين بتاعها، دا يعمل رجل، ده يعمل عين، ده يعمل عين، واللي هناك ده يعمل منقار، وهكذا..الDNA هوا الرسم الهندسي وأنت العمارة، ابسط يا عم.
الانقسام الميتوزيMitosis
ده الانقسام اللي بيحصل للخلايا، وهو السبب في أن معاليك كبرت من حتة تلاتة كيلو ونص لحد ما بقيت 80 كيلو.. ده بيحصل عن طريق أن كل خلية بتقسم نفسها لاتنين زي بعض وبعد كده كل نص بيضاعف نفسه وبيبقى خلية كاملة، الكروموسومات كمان بتتقسم نصين أثناء الانقسام ده وبعد كده بتضاعف نفسها، علشان كده بتطلع نسخ كاملة وليهم نفس عدد الكروموسومات جوة النواة.. كل شيء بيتعمل منه نسخة طبق الأصل، كل الخلايا في جسمك بيحصل فيها انقسام ميتوزي ما عدا الخلايا التناسلية.
الانقسام الميوزيMeiosis
هوا الانقسام اللي بيحصل في الخلايا التناسلية، الحيوان المنوي مثلا في الذكر والبويضة في الأنثى وهو زي أخوه الميتوزي مع فرق أن الكروموسومات لما بتنقسم نصين مبترجعش تنسخ نفسها، بمعنى ان الانقسام الميتوزي في الإنسان بيعمل خليتين في كل واحده منهم 46 كروموسوم، أما الميوزي فبيبقى كل واحدة منهم فيها 23 كروموسوم بس .. ليه يا عم الحج؟
علشان لما الحيوان المنوي يلتقي مع البويضة يتقابل ال23 بتوع أبوك مع ال23 بتوع أمك وتطلع حضرتك زينا كده بنفس العدد المكون من 46 كروموسوم.
كل كائن حي نعرفه عنده القدرة على أنه يضاعف نفسه ويطلع نسخة منه، يا إما عن طريق الانقسام في الاميبا مثلا أو عن طريق التزاوج وإنجاب أطفال في الكائنات الأكثر تعقيدا زي الانسان، خلال التزاوج ده بيقدر كل كائن أنه يمرر صفاته من خلال الDNA بتاعه لأطفالة بحيث يحافظ على نوعه.
قبل ما نبدأ في مناقشة دلائل التطور خلونا الأول نعرف يعني إيه نظرية:
النظرية هي مجموعة من الأفكار والتصورات اللي بتفسر مجموعة من الحقائق، الحقائق زي دوران الكواكب حوالين الشمس مثلا، النظرية زي النظرية النسبية اللي بتفسر الحقيقة دي.
النظرية هيا الهدف النهائي للعلم.. وتحقيقها والوصول ليها هو تحقيق الهدف ده.. هيا الطريقة اللي بيشتغل بيها العلم، الوصول لنظريات، و ده هياخدنا لواحدة من المغالطات في حق التطور و اللي صاحبها بيقل دايماً "التطور ده نظرية، مش حقيقة، يعني فرضية كده" .. غالباً الجملة دي بتستخدم بسوء نيه أو عدم فهم لمعنى كلمة نظرية.. النظرية هيا أفكار مدعومة تجريبياً بدلائل واضحة .. الفرصة الوحيدة لكسر أي نظرية هي تقديم بديل اشمل.. مش مجرد حل أحد معضلات نظرة تانية.
يعني مثلاً النظرية النسبية جابت وصف أشمل لشكل الكون عن نظرية نيوتن، علشان كده لو عاوز تكسر نظرية التطور لازم تقدم فكرة بتحط تفسيرات أشمل من تفسيرات نظرية التطور.
النظرية هي العلم، هي تفسير لحقائق، مدعوم بأدلة، يمكن إخضاعة للتجريب، بتتمشّى مع قوانين الطبيعة ومش بتخالفها.

النظرية بتشرح الحقائق، الحقائق بتؤكد النظرية.
.
.
دلائل حدوث التطور Evidence of evolution:
دلائل حدوث التطور هي الحقائق اللي نظرية التطور بتشرحها بشكل دقيق أكتر من أي نظرية أخرى، زي بالضبط ما النسبية بتشرح مدارات الكواكب بشكل أفضل من نيوتن، دلائل حدوث التطور دخلت كموضوع أساسي في كل المناهج اللي بتشرح البيولوجيا التطورية لطلبة المرحلة الثانوية، يمكن علشان الحرب الدائرة حوالين النظرية في المجتمعات واختلاف قبولها من مجتمع لآخر، هنا هنشرحها زي مناهج كل من مصر، إنجلترا، الولايات المتحدة، بجانب كلام مرجع "كامبل" اللي حكينا عنه في الجزء الأول من المقالات.
الحفريات Fossils
الحفريات - زي ما قولنا في المقال السابق - هي كائنات لقينها مدفونة في طبقات الأرض السفلى اللي تحتنا، ساعات تبقى عظام، ساعات تبقى حشرة كاملة أو كائن كامل تم تحنيطه بسبب مادة زي الغرا كده أو التلج أو غيره، المهم أن الحفريات دي بتعطينا دليلين على حدوث التطور:
الأول هو أننا كل ما نزلنا تحت في طبقات الأرض لقينا حفريات لكائنات أبسط من اللي موجوده دلوقت، وده معناه أننا خلال الزمن بننتقل من "الأبسط" للاكثر تعقيداً.. فيما يعني أن الحياة بتطور من "الأبسط" إلى "المعقد".. وهو نفس افتراض نظرية التطور، لاحظ في الشكل الجاي ده شكل تطور الحياة من كائنات بسيطة أولية لكائنات زينا كده:
والتاني
هو أن الكائنات الموجودة دلوقت ملهاش حفريات في الزمن البعيد، يعني مفيش
حفرية حمامة من اللي نعرفها دلوقت من كام مليون سنة مثلا، مفيش حفرية كلب
من اللي نعرفه دلوقت، كمان العكس صحيح، يعني الحفريات اللي لقيناها وكانت
من 50 مليون سنة مثلا مفيش حيوانات زيها دلوقت، معادش فيه ديناصورات غير في
جوراسيك بارك، ومعادش فيه ماموث غير في لورد اوف ذا رينجز الجزء التاني،
هو كان ماموث؟
واحد من أشهر الأسئلة في الموضوع ده هو سؤال العالم البريطاني جون هالدن: هات أرنب – يقصد حفرية أرنب – قبل العصر الكامبري؟
نقطة مهمة وهي السجل الأحفوري Fossil record، السجل الأحفوري هوا اللي بنسجل فيه الحفريات اللي لقيناها والمتوقع نلاقيها في أزمنة معينة، زمان كان السجل الأحفوري هو أفضل أدلة حدوث التطور، لكن دلوقت فيه أدلة أقوى بكتير بعد دخول علم البيولوجيا الجزيئية للموضوع، السجل الأحفوري بيواجه مشاكل كتير جدا، لكن ""مش منها"" أننا لقينا حفرية مش في مكان متواقع ليها أو حواليه، في الفصل العاشر من كتاب "أصل الأنواع" بيقول داروين أنه مستعد لرفض نظريته لو ظهرت كئنات متماثلة لكن متباعده عن بعضها في السجل الجيولوجي أو لو ظهرت حفريات معادها من 5 مليون سنة مثلا واتلقت في 3 مليار سنة.. وده محصلش لدلوقت.. تحدي داروين ده كان فريد من نوعه ومؤسس لفلسفة العلم اللي أسس ليها فيما بعد كارل بوبر.. عن فكرة أن "ما لا يقبل الاختبار التكذيبي مش علم".
من المشكلات اللي بتواجهها قصة الحفريات هي موضوع الانفجار الكامبري، وهو فترة من تاريخ الأرض ازداد فيها عدد الكائنات فجأة وده عرفناه من الحفريات، لازالت الفرضيات بتتحط لإيجاد تصورات بتشرح الموضوع ده.
موضوع الحفريات هو علم منفصل، تعدت آفاقه حدود البحث عن عظام كائنات ميتة، ودخلت البيولوجيا الجزيئية والتأريخ المرتبط بيها فيه، لمزيد من المعلومات ممكن تبص على كتاب "الحفريات، مقدمة قصيرة جدا" لـ كيث طومسون، الكتاب بتقدمه مؤسسة هنداوي مجاناً. كذلك ممكن تاخد فكرة عن آخر التطورات في الموضوع ده من مقال بات شيبمان المنشور على نيوساينتست.
http://www.hindawi.org/safahat/94802959/
التشريح المقارن Comparative anatomy:
التشريح المقارن هو العلم اللي بيدرس مدى التشابه بين نفس الأعضاء في الكائنات الحية "حتى لو كان ليها وظائف مختلفة"، وهنا هنلاحظ مثلا أن تكوين دراع الإنسان ليها نفس التركيب التشريحي زي جناح الخفاش قدم الفيل الأمامية والحصان مثلا، بمعنى أنها متشابهة تشريحيا وليها نفس الشكل تقريبا ونفس عدد العظام لكن ملهاش نفس الوظيفة! مش غريبة دي؟! .. نظرية التطور بقى بتقول إنهم "تطورياً" مرتبطين ببعض.. بسبب انحدارهم من جد مشترك، الموضوع ده - لو عاوز تتعمق فيه - اسمه homologous structure أو "التنادد" بالعربي.
خلينا ناخد مثال بالصور، تركيب الدراع في كل من الإنسان والقطة والحوت والخفاش متشابه تشريحيا رغم اختلاف وظيفته:

لازم هنا نفرق ما بين مصطلحين، التنادد اللي هو Homologous structure والتماثل اللي هو Analogous structure، التماثل هو وجود أعضاء متشابهة في الوظيفة لكن ليس لها نفس الشكل التشريحي، ده موضوع كبير هندرسه أكتر في التطور التقاربي كمان كام حلقة، شوف المثال ده:
كل من الدولفين "ثديي" و البطريق"طائر" والقرش "سمكة" عندهم طرف بيؤدي نفس الوظيفة رغم اختلاف الشكل التشريحي.
الأعضاء الأثرية، Vistigial structure
هي الأعضاء اللي بطلت تأدية الوظيفة بتاعتها، الحقيقة واحد من أقوى دلائل التطور هو موضوع الأعضاء الأثرية، خلينا ناخد بعض الامثلة من بين مئات الأمثلة المشهورة:
-الزايدة الدودية في الإنسان.
-عظمة الفخذ والحوض في الحوت أو الثعبان.
- أجنحة الطيور اللي مش بتتطير "البطريق مثلا،النعامة".
- عظمة الذيل أو العصص في الإنسان.
-عضلات الأذن.
- وجود عين في بعض الأسماك العمياء، زي سمكة الكهف المكسيكية العمياء blind mexican cave fish.
- أقدام البازيلوصور، basilosaurus، واحد من أقدم الديناصورات العائمة في العالم، طوله 18 مترا، قد الإنسان الطبيعي بتاع 10 مرات، الصورة تحت من متحف التاريخ الطبيعي.
- القشعريرة Goosepumbes وهي وقوف الشعر عند القلق أو الخوف، بتخلي الحيوانات تبان أكبر في الحجم للدفاع عن نفسها.
هنا أقدام البازيلوسور:
والحوت:
عيون السمكة العمياء:
يعني مثلا خلينا ناخد الحوض وعظمة الفخذ في الحوت، بيعملو إيه هناك؟ التفسير الأفضل لفكرة الأعضاء الأثرية جاي من نظرية التطور اللي بتقول إن الاعضاء دي ورثناها من أسلافنا، لكنها لم تعد تؤدي نفس الوظيفة اللي بتأديها زمان، الإنسان معادش في حاجة أن حجمه يبان أكبر، ولا عاد في حاجة لضرس العقل، لأن أكله بقى مشوي مش ني، الحوت بيعوم فمش محتاج رجلين، لكنه رغم ذلك ورثها من أسلافه.
الموضوع كمان تخطى فكرة الأعضاء الاثرية ودخل في الجينات المعطلة.. زي مثلا جينات تصنيع فيتامين سي الموجودة في القردة، القردة عندها الجين ده فعلشان كده مش محتاجة تاخد فيتامين سي من البرتقان زينا كده، أما إحنا فعندنا الجين نفسه موجود لكنه متعطل يعني "مبيشتغلش".. نظرية التطور بتفسر ده بأننا ورثناه عن أسلافنا.
لكن فيه نقطة إضافية هنا، أن الأعضاء الأثرية مش بس معناها الأعضاء الضامرة اللي مبتشتغلش، لكن كمان هي الأعضاء اللي بطلت العمل على وظيفة ما كانت بتعملها، لكنها ممكن تكون تغيرت لآداء وظيفة تانية خالص، يعني مثلا أجنحة الطيور اللي مش بتطير ممكن تكون بتؤدي وظيفة تانية زي التدفئة أو جذب الإناث، الرأي الراجح لظهور الريش في الكائنات الأولى مكانش علشان الطيران لكن ربما علشان جذب الجنس الاخر بعد كده أدت وظيفة الطيران.
علم الأجنة Embryology:
خلينا
نوضح أن الرسمة اللي فاتت دي والمشهورة جدا واللي مفيش كتاب مش بيحطها..
مزورة، البيولوجست أرنست هيكل كان بيحاول في أواخر القرن السابع عشر أنه
يؤكد على نظريته اللي بتقول إن مقارنة تطور الجنين عند عدة طوائف من
الحيوانات بتقول إنها متشابهة في المراحل الأولى (التطور الجنيني المشابه
للأسلاف) من هنا نشأت واحدة من أشهر الجمل في تاريخ البيولوجيا:
ontogeny recapitulates phylogeny أو تطور الجنين يلخص نسله.
طبعا ده لم يكن صحيحا، هيكل ببساطة حاول يوفق النظرية مع النتائج بالعافية، لكن تزويره ده اتفضح، ونظرته تم نبذها، مع ذلك لازالت الصور مشهورة، إلا أن المعروف علميا أن الأجنة في المراحل الأولى من تكوينها بتتشابه بدرجة كبيرة، ويبتدأ في الاختلاف واحدة بواحدة خلال تطور الجنين، نظرية التطور بتستخدم ده كدليل على الترابط الواضح بين الكائنات والتشابه بينهم في أصلهم.
فيه نقطة مهمة كمان هنا، أن أرنست هيكل مكانش بيحاول التأكيد على فكرة داروين، بالعكس تماما، كان بيحاول إيجاد فكرة خاصة بيه، أما عن الانتخاب الطبيعي فهو قصة تانية خالص مرتبطة أكتر بالتكيف.
علم التصنيف Taxonamy:
التصنيف هو حاجة زي جدول أو نظام بيحط الكائنات المتشابهة جنب بعض، وبيعمل شجرة للكائنات الحية بحيث كل كائن يبقى جنب اللي شبهة، الثدييات جنب بعض، الفقاريات، وهكذا.. زمان كان التصنيف على أساس: اللي بيجروا مع بعض، اللي بيزحفوا، اللي بيطيروا.. إلخ. لكن كارل لونيوس الطبيب السويدي وضع شجرة للتصنيف قبل ظهور داروين بحوالي 100 سنة.. وفّضل فيها بعض الصفات على صفات أخرى.. يعني مثلا الفراشات متبقاش مع العصافير لأنهم بيطيروا هما الاتنين، لأ، حط قواعد أخرى للتصنيف اللي هي معروفة دلوقت، الشجرة بتاعت التصنيف - بكل بساطة - بتتفق مع شجرة التطور.. والاتنين بيتفقوا مع الشجرة الجينية للكائنات.. كل ده بيتفق مع رؤية نظرية التطور بأن الكائنات القريبة من بعضها نتجت من سلف مشترك "هنشرح معنى المصطلح ده كمان شوية"، بعد وفاة لونيوس ومن كتر شهرته اتعرفت جملة مشهورة "God created Linnaeus classified"
الجغرافيا الحيوية Biogeography
كل قارة وليها حيوانتها، إفريقيا مثلا مشهورة بحيوانات غير المشهورة بيها القارة القطبية، كل جزيرة وليها طيورها، كل مكان وليه كائناته، مش غريبة أن الجزيرة اللي فيها دود عصافيرها ليها مناقير مصممه لأكل الدود، واللي فيها صراصير عصافيرها ذات مناقير مصممة لأكل العصافير واللي فيها خنافس عصافيرها ذات مناقير مصممة لأكل الخنافس؟ ليه فعلا؟ ده على فكرة السؤال اللي سأله داروين لنفسه على جزر جالاباجوس في رحلته مع سفينة البيجل اللي طلعت سنة 1831 وفضلت 5 سنين، وده بتستخدمه النظرية كدليل دامغ على حدوث الانتخاب الطبيعي وحدوث عملية التكيف Adaptation.

.
دلائل حدوث التطور Evidence of evolution:
دلائل حدوث التطور هي الحقائق اللي نظرية التطور بتشرحها بشكل دقيق أكتر من أي نظرية أخرى، زي بالضبط ما النسبية بتشرح مدارات الكواكب بشكل أفضل من نيوتن، دلائل حدوث التطور دخلت كموضوع أساسي في كل المناهج اللي بتشرح البيولوجيا التطورية لطلبة المرحلة الثانوية، يمكن علشان الحرب الدائرة حوالين النظرية في المجتمعات واختلاف قبولها من مجتمع لآخر، هنا هنشرحها زي مناهج كل من مصر، إنجلترا، الولايات المتحدة، بجانب كلام مرجع "كامبل" اللي حكينا عنه في الجزء الأول من المقالات.
الحفريات Fossils
الحفريات - زي ما قولنا في المقال السابق - هي كائنات لقينها مدفونة في طبقات الأرض السفلى اللي تحتنا، ساعات تبقى عظام، ساعات تبقى حشرة كاملة أو كائن كامل تم تحنيطه بسبب مادة زي الغرا كده أو التلج أو غيره، المهم أن الحفريات دي بتعطينا دليلين على حدوث التطور:
الأول هو أننا كل ما نزلنا تحت في طبقات الأرض لقينا حفريات لكائنات أبسط من اللي موجوده دلوقت، وده معناه أننا خلال الزمن بننتقل من "الأبسط" للاكثر تعقيداً.. فيما يعني أن الحياة بتطور من "الأبسط" إلى "المعقد".. وهو نفس افتراض نظرية التطور، لاحظ في الشكل الجاي ده شكل تطور الحياة من كائنات بسيطة أولية لكائنات زينا كده:

واحد من أشهر الأسئلة في الموضوع ده هو سؤال العالم البريطاني جون هالدن: هات أرنب – يقصد حفرية أرنب – قبل العصر الكامبري؟
نقطة مهمة وهي السجل الأحفوري Fossil record، السجل الأحفوري هوا اللي بنسجل فيه الحفريات اللي لقيناها والمتوقع نلاقيها في أزمنة معينة، زمان كان السجل الأحفوري هو أفضل أدلة حدوث التطور، لكن دلوقت فيه أدلة أقوى بكتير بعد دخول علم البيولوجيا الجزيئية للموضوع، السجل الأحفوري بيواجه مشاكل كتير جدا، لكن ""مش منها"" أننا لقينا حفرية مش في مكان متواقع ليها أو حواليه، في الفصل العاشر من كتاب "أصل الأنواع" بيقول داروين أنه مستعد لرفض نظريته لو ظهرت كئنات متماثلة لكن متباعده عن بعضها في السجل الجيولوجي أو لو ظهرت حفريات معادها من 5 مليون سنة مثلا واتلقت في 3 مليار سنة.. وده محصلش لدلوقت.. تحدي داروين ده كان فريد من نوعه ومؤسس لفلسفة العلم اللي أسس ليها فيما بعد كارل بوبر.. عن فكرة أن "ما لا يقبل الاختبار التكذيبي مش علم".
من المشكلات اللي بتواجهها قصة الحفريات هي موضوع الانفجار الكامبري، وهو فترة من تاريخ الأرض ازداد فيها عدد الكائنات فجأة وده عرفناه من الحفريات، لازالت الفرضيات بتتحط لإيجاد تصورات بتشرح الموضوع ده.
موضوع الحفريات هو علم منفصل، تعدت آفاقه حدود البحث عن عظام كائنات ميتة، ودخلت البيولوجيا الجزيئية والتأريخ المرتبط بيها فيه، لمزيد من المعلومات ممكن تبص على كتاب "الحفريات، مقدمة قصيرة جدا" لـ كيث طومسون، الكتاب بتقدمه مؤسسة هنداوي مجاناً. كذلك ممكن تاخد فكرة عن آخر التطورات في الموضوع ده من مقال بات شيبمان المنشور على نيوساينتست.
http://www.hindawi.org/safahat/94802959/
التشريح المقارن Comparative anatomy:
التشريح المقارن هو العلم اللي بيدرس مدى التشابه بين نفس الأعضاء في الكائنات الحية "حتى لو كان ليها وظائف مختلفة"، وهنا هنلاحظ مثلا أن تكوين دراع الإنسان ليها نفس التركيب التشريحي زي جناح الخفاش قدم الفيل الأمامية والحصان مثلا، بمعنى أنها متشابهة تشريحيا وليها نفس الشكل تقريبا ونفس عدد العظام لكن ملهاش نفس الوظيفة! مش غريبة دي؟! .. نظرية التطور بقى بتقول إنهم "تطورياً" مرتبطين ببعض.. بسبب انحدارهم من جد مشترك، الموضوع ده - لو عاوز تتعمق فيه - اسمه homologous structure أو "التنادد" بالعربي.
خلينا ناخد مثال بالصور، تركيب الدراع في كل من الإنسان والقطة والحوت والخفاش متشابه تشريحيا رغم اختلاف وظيفته:

لازم هنا نفرق ما بين مصطلحين، التنادد اللي هو Homologous structure والتماثل اللي هو Analogous structure، التماثل هو وجود أعضاء متشابهة في الوظيفة لكن ليس لها نفس الشكل التشريحي، ده موضوع كبير هندرسه أكتر في التطور التقاربي كمان كام حلقة، شوف المثال ده:
كل من الدولفين "ثديي" و البطريق"طائر" والقرش "سمكة" عندهم طرف بيؤدي نفس الوظيفة رغم اختلاف الشكل التشريحي.

الأعضاء الأثرية، Vistigial structure
هي الأعضاء اللي بطلت تأدية الوظيفة بتاعتها، الحقيقة واحد من أقوى دلائل التطور هو موضوع الأعضاء الأثرية، خلينا ناخد بعض الامثلة من بين مئات الأمثلة المشهورة:
-الزايدة الدودية في الإنسان.
-عظمة الفخذ والحوض في الحوت أو الثعبان.
- أجنحة الطيور اللي مش بتتطير "البطريق مثلا،النعامة".
- عظمة الذيل أو العصص في الإنسان.
-عضلات الأذن.
- وجود عين في بعض الأسماك العمياء، زي سمكة الكهف المكسيكية العمياء blind mexican cave fish.
- أقدام البازيلوصور، basilosaurus، واحد من أقدم الديناصورات العائمة في العالم، طوله 18 مترا، قد الإنسان الطبيعي بتاع 10 مرات، الصورة تحت من متحف التاريخ الطبيعي.
- القشعريرة Goosepumbes وهي وقوف الشعر عند القلق أو الخوف، بتخلي الحيوانات تبان أكبر في الحجم للدفاع عن نفسها.
هنا أقدام البازيلوسور:



يعني مثلا خلينا ناخد الحوض وعظمة الفخذ في الحوت، بيعملو إيه هناك؟ التفسير الأفضل لفكرة الأعضاء الأثرية جاي من نظرية التطور اللي بتقول إن الاعضاء دي ورثناها من أسلافنا، لكنها لم تعد تؤدي نفس الوظيفة اللي بتأديها زمان، الإنسان معادش في حاجة أن حجمه يبان أكبر، ولا عاد في حاجة لضرس العقل، لأن أكله بقى مشوي مش ني، الحوت بيعوم فمش محتاج رجلين، لكنه رغم ذلك ورثها من أسلافه.
الموضوع كمان تخطى فكرة الأعضاء الاثرية ودخل في الجينات المعطلة.. زي مثلا جينات تصنيع فيتامين سي الموجودة في القردة، القردة عندها الجين ده فعلشان كده مش محتاجة تاخد فيتامين سي من البرتقان زينا كده، أما إحنا فعندنا الجين نفسه موجود لكنه متعطل يعني "مبيشتغلش".. نظرية التطور بتفسر ده بأننا ورثناه عن أسلافنا.
لكن فيه نقطة إضافية هنا، أن الأعضاء الأثرية مش بس معناها الأعضاء الضامرة اللي مبتشتغلش، لكن كمان هي الأعضاء اللي بطلت العمل على وظيفة ما كانت بتعملها، لكنها ممكن تكون تغيرت لآداء وظيفة تانية خالص، يعني مثلا أجنحة الطيور اللي مش بتطير ممكن تكون بتؤدي وظيفة تانية زي التدفئة أو جذب الإناث، الرأي الراجح لظهور الريش في الكائنات الأولى مكانش علشان الطيران لكن ربما علشان جذب الجنس الاخر بعد كده أدت وظيفة الطيران.
علم الأجنة Embryology:

ontogeny recapitulates phylogeny أو تطور الجنين يلخص نسله.
طبعا ده لم يكن صحيحا، هيكل ببساطة حاول يوفق النظرية مع النتائج بالعافية، لكن تزويره ده اتفضح، ونظرته تم نبذها، مع ذلك لازالت الصور مشهورة، إلا أن المعروف علميا أن الأجنة في المراحل الأولى من تكوينها بتتشابه بدرجة كبيرة، ويبتدأ في الاختلاف واحدة بواحدة خلال تطور الجنين، نظرية التطور بتستخدم ده كدليل على الترابط الواضح بين الكائنات والتشابه بينهم في أصلهم.
فيه نقطة مهمة كمان هنا، أن أرنست هيكل مكانش بيحاول التأكيد على فكرة داروين، بالعكس تماما، كان بيحاول إيجاد فكرة خاصة بيه، أما عن الانتخاب الطبيعي فهو قصة تانية خالص مرتبطة أكتر بالتكيف.
علم التصنيف Taxonamy:
التصنيف هو حاجة زي جدول أو نظام بيحط الكائنات المتشابهة جنب بعض، وبيعمل شجرة للكائنات الحية بحيث كل كائن يبقى جنب اللي شبهة، الثدييات جنب بعض، الفقاريات، وهكذا.. زمان كان التصنيف على أساس: اللي بيجروا مع بعض، اللي بيزحفوا، اللي بيطيروا.. إلخ. لكن كارل لونيوس الطبيب السويدي وضع شجرة للتصنيف قبل ظهور داروين بحوالي 100 سنة.. وفّضل فيها بعض الصفات على صفات أخرى.. يعني مثلا الفراشات متبقاش مع العصافير لأنهم بيطيروا هما الاتنين، لأ، حط قواعد أخرى للتصنيف اللي هي معروفة دلوقت، الشجرة بتاعت التصنيف - بكل بساطة - بتتفق مع شجرة التطور.. والاتنين بيتفقوا مع الشجرة الجينية للكائنات.. كل ده بيتفق مع رؤية نظرية التطور بأن الكائنات القريبة من بعضها نتجت من سلف مشترك "هنشرح معنى المصطلح ده كمان شوية"، بعد وفاة لونيوس ومن كتر شهرته اتعرفت جملة مشهورة "God created Linnaeus classified"
الجغرافيا الحيوية Biogeography
كل قارة وليها حيوانتها، إفريقيا مثلا مشهورة بحيوانات غير المشهورة بيها القارة القطبية، كل جزيرة وليها طيورها، كل مكان وليه كائناته، مش غريبة أن الجزيرة اللي فيها دود عصافيرها ليها مناقير مصممه لأكل الدود، واللي فيها صراصير عصافيرها ذات مناقير مصممة لأكل العصافير واللي فيها خنافس عصافيرها ذات مناقير مصممة لأكل الخنافس؟ ليه فعلا؟ ده على فكرة السؤال اللي سأله داروين لنفسه على جزر جالاباجوس في رحلته مع سفينة البيجل اللي طلعت سنة 1831 وفضلت 5 سنين، وده بتستخدمه النظرية كدليل دامغ على حدوث الانتخاب الطبيعي وحدوث عملية التكيف Adaptation.

عصافير جالاباجوس:


البيولوجيا الجزيئية
ده هنتكلم عليه في جزء خاص بيه، لكن خلونا نقول إن ظهور علوم جديدة زي علم التطور الإنمائي Evolutionary development والتطورات الأخرى في فهم الDNA والشفرات الوراثية قدمت لنا نقلة نوعية في فهم نظرية التطور وكيفية الربط بين الكائنات عبر محتواها الجيني.
الكروموسوم البشري بيتكون في طرفيه من أجزاء بتسمى "تيلوميرات" بينما في المنتصف فيه "سنترومير".. واحد من أكبر الألغاز اللي قابلتنا هي فهم ليه القردة العليا عندها 48 كروموسوم وإحنا 46 بس .. علماء البيولوجيا التطورية افترضوا أن واحد من الكروموسومات ديه اتلحم في واحد تاني، وبالتالي بدل 24 زوج بقا عندنا 23 زوج.
قدامنا فرضية قابلة للتجريب هنا، لو كروموسومين التحموا مع بعض في الإنسان بسبب إجراء تطوري ما (طفرة) يبقى ده معناه أن واحد من الكروموسومات البشرية مش هيبقى التيلومير بتاعه في الأطراف بس، لا ، هيبقى في النص كمان مكان الالتحام، تم إجراء التجارب والتأكد بما لا يدع مجالا للشك من صحة افتراض علماء البيولوجيا التطورية.

الحقيقة نحب نوضح أن 98.6% هو نسبة التطابق ما بين الـDNA بتاعنا وبتاع الشمبانزي، وده برضك دليل قوي على صحة النظرية .
فيه نقطة كمان هنا، علم الوراثة تطور بعد ظهور نظرية التطور، علم الجينات تطور بعد ظهور نظرية التطور.. وبالتالي فاحنا بعد ظهور نظرية داروين كان عندنا اختبارين أكثر قوة لمعرفة إذا كانت فكرة التطور والسلف المشترك Common ancestor صح أو غلط من خلال علوم حديثة جت بعد - مش قبل - نظرية التطور.
- علوم الوراثة أو البيولوجيا الجزيئية كدبت نظرية التطور؟
- لأ، بالعكس تماماً، أكدتها !
الانتخاب الاصطناعي أو Artificial selection
الحقيقة ده موضوع مثير للغاية، واستخدمه داروين في كتاب أصل الأنواع في الفصل الأول "التباين تحت ظروف التدجين".. واتكلم عن إزاي قدر الإنسان يهجن سلالات مع بعضها ويجيب سلالات جديدة ينقي الأفضل و يجوّزه مع الأفضل، وهكذا.
ده معروف عند الفلاحين واللي بيربوا كلاب أو أحصنه أو قطط، الفلاحين اللي بياخدوا بذور النباتات الأكبر ويزرعوها وفي الجيل الجديد ياخدوا الأكبر وهكذا، تاريخ تهجين الأحصنة والطيور والكلاب والنباتات فيه ميزة أساسية وهي أنك تقدر تطلع أشكال مختلفة في فترة من الزمن قصيرة، يعني في خلال 100 سنة ممكن مثلا تحدث تغيير قوي في شكل أو صفات الكلاب أو القطط أو النباتات بحيث يبقى ظاهر بقوة، الكلب الصغير الرقيق والكلب الوولف الحارس والكلب البولدوج تم اختيارها صناعياً على مدى أجيال متتالية.. بياعين الكلاب هما اللي عملوا التهجين ده علشان يناسب عملائهم.
عاوز كلب لطيف ؟ اختار من كل جيل بيجيلك الطف كلب فيهم وجوّزه مع كلب آخر لطيف هيطلعلك نسل لطيف،
عاوز كرنب أكبر؟ هات أكبر كرُنباية في المحصول وازرعها جيل ورا جيل.
في أثناء تربية الأبقار مثلاً، تم اختيار مجموعتين، المجموعة اللي بتجيب لحمة أكتر والمجموعة اللي بتجيب لبن أكتر وهكذا على مدى سنين بقى فيه أنواع للبن وأنواع للحمة.
الاستئناس في حد ذاته هو عملية اصطفاء صناعي، الإنسان أخد الحيوانات من البرية واستهدف السلالات الألطف والأكثر قبولا للحياة تحت إيده ومن هنا ظهرت الكائنات المستأنسة.
داروين كان بيفترض أن الانتخاب الاصطناعي هو نموذج مصغر للانتخاب الطبيعي.. داروين بيقول إنه مش لازم يبقى فيه إنسان قائم على عملية الانتخاب.. الطبيعة ممكن تقوم بالدور ده، الشكل العام للطبيعة بيتفق مع النظرية.
دي أمثلة على الانتخاب الاصطناعي:
الكرنب:



الانتخاب / الانتقاء/الاصطفاء الطبيعي
Natural Selection
من بين تعريفات كتير
قديمة وحديثة للتطور، خلونا نقول إن التطور هو ببساطة "تغير في اتجاه" ،
التغير ده طبيعي وبيحصل في كل أشكال الحياة على مدى الأجيال المتتالية،
أكبر دليل ليه هو الأحافير اللي اتكلمنا عنها، البيولوجيا التطورية هيا
العلم اللي بيدرس كيفيات حدوث التغير ده.. فكرة "الاتجاه" هنتعلم عنها أكتر
مع كل ميكانزم هندرسه للتطور، تعريف آخر دقيق بيقول إن التطور هو التغير
في الصفات الوراثية - يعني اللي ممكن تتنقل من جيل لجيل - خلال الزمن في
التجمعات الحيوية – راجع التعريفات ف المقال الثاني - يعني: تغير + يمكن
توريثه + تجمع + زمن.
خلينا بعد المقدمة البسيطة دي ندخل في التقيل.
تشارلز داروين مش أول واحد اتكلم في التطور، الموضوع ليه تاريخ كبير ممكن نحكي عنه في مقال خاص بيه، لكن داروين أضاف أفضل نموذج لتفسير عملية التطور ودخّله في العلم Science، بعد ما كان مجرد تأملات وتفسيرات تقترب من كونها فلسفية، لذلك أول درس في البيولوجيا التطورية بيدأ بداروين، بعض الأفكار اللي اتحطت قبل داروين كان ليها أثر في صياغته لنظريته، زي مثلا كلام تشارلز لايل سنة 1830 عن مدى التطور البطيء اللي بيحصل في عالم الجيولوجيا خلال ملايين السنين، وزيه قال جيمس هالتون، وكذلك تصور جد داروين "ارازموس داروين" عن التطور أو تصور "جان بابتيس لامارك " من قبله عن التطور واللي حط من خلاله – رغم قصوره – فكرة أن فيه "تطور"، وأن ارتباط الكائنات ببعضها ليه نمط ما، كل الأفكار ديه كانت قاعدة قدام داروين وغيره للبناء عليها، مفهوم التطور تاريخيا هو موضوع كبير زي ما قلت، وله امتداد في كل الثقافات حتى الثقافة العربية "الجاحظ وابن رشد".
الانتخاب الطبيعي هو الانتقاء/الانتخاب "غير العشوائي" من بين الطفرات والتغيرات
"العشوائية" اللي بتحصل في الجماعات بشكل طبيعي بسبب التباين، بحيث أن الصفات المنتخبة دي بتتورث للأجيال الجديدة.. وهكذا.
إيه الكلام الكبير دا؟
فيه بعض الحقائق الأساسية اللي اعتمدت عليها نظرية التطور علشان تخرج بفكرة "الانتخاب الطبيعي"، الحقائق دي استخدمها داروين وكتب أول مقال ليه سنة 1844 تحت عنوان: Descent with modificationأو "سلالة – أو نسب- معدل"
أولاً: الإنتاج المتزايد، بعد التزاوج بيخرج الأطفال بعدد أكبر من الجيل اللي موجود دلوقت، لو عندنا 12 قطة تزاوجوا مع بعض هيخلفوا 20 قطة مثلا، حتى لو الـ 12 الأساسيين اللي اتجوزوا ماتوا فهما سابو وراهم عدد أكبر؛ لذلك البشر مثلا عددهم بيزيد مش بيقل، بس هنا إحنا بنواجه مشكلة بيعتبرها توماس مالتوث - اللي اتكلم عنها سنة 1798 في مقال مشهور عنوانه "essay on population" - حاجة كده زي تيمة أو طبع للحياة، المشكلة هي أن الموارد بتاعتنا محدودة، بينما أعداد البشر – أو أي كائن آخر - بتزيد، يبقى ده معناه أن هييجي اليوم اللي يتقاطع فيه خط أعدادنا مع خط كمية الأكل المتاحلة لينا، زي الرسم البياني البسيط، يبقى ده معناه أن هيبقى فيه تنافس دائم بين الكائنات، صراع من أجل البقاء Struggle for life، وده اللي اعتمد عليه داروين في الفصل التالت من كتاب أصل الأنواع "النزاع من أجل البقاء".. اعتمد داروين على قوانين مالتوث ومن هنا ظهر واحد من أكثر المصطلحات اللي اتسببت في جدل عظيم على كوكبنا: البقاء للأصلح.
ثانيا: التنوع Varation شيء طبيعي، لما بتتكاثر الكائنات الحية مع بعضها بتنتج اختلافات بسيطة بينها ، تنوعات، يعني مثلا أنت مش شبه أبوك ولا أمك ولا أي حد في العالم ده، إلا إذا كنت صدام حسين، أكبر دليل على كدة هو أن مفيش إنسان ليه بصمة زي التاني، و ده معناه التالي:"في كل تجمع موجود تنوع واختلاف في الصفات"، والتنوع ده اكتشفنا أنه مش عشوائي ولكن مرتبط بمكان وجود الكائنات دي، بمعنى أن اختلاف شكل المنقار في عصافير جزر جالاباجوس مثلا – اللي اتسمى منها حوالي 15 نوع تحت اسم عصافير داروين Darwin's Finchs - مكانش عشوائي لكنه مرتبط بمدى توافق العصافير دي مع بيئتها، العصافير اللي بتاكل حبوب مناقيرها طاحنة علشان تكسر الحبوب، والعصافير اللي بتاكل ديدان مناقيرها دقيقة من قدام علشان تعرف تمسك الدودة.. وهكذا.
ضيف على التنوع الطبيعي الناتج عن عملية التباديل والتوافيق بين صفات الأب والأم سبب آخر للتنوع وهو الطفرات، راجع مقال التعريفات، خلينا نضرب مثال للتبسيط فقط علشان نوضح سببين التنوع:
لو قطة بيضا اتجوزت قطة سودة، الأولى ليها مخالب عريضة بس صغيرة والتانية ليها مخالب رفيعة بس طويلة:
1- الأبناء اللي جايين ممكن تبقى صفاتهم معكوسة (ابيض لكن مخالبه رفيعة).
2- كمان ممكن تنتج شكل جديد نتيجة طفرة، مخالب طويلة بس عريضة مثلا، قطة رمادي ،ممكن أحد الأبناء يخرج مثلا بشعر حوالين رجله أو ودنه، البعض ممكن يخرج رجليه أطول شوية، ودانه أكبر، وهكذا.
ثالثاً: الاختلافات بين الكائنات بتتورث لولادها، يعني التنوع ده بيتورث للأجيال الجاية ويضيف مزيد من التنوع، كل واحد بيورث صفاته لولاده، لكن خلي بالك هنا من نقطة اتكلمنا عنها قبل كده، أنك ممكن تكون طورت قدرتك على سرقة المحافظ من جيب الناس وده تسبب أنك تعيش في مستوى مادي كويس، لكنك مش هتورث القدرة دي لولادك، وده معناه أنها هتموت معاك، لكن لون عنيك مثلا أو طولك أو شكل مناخيرك دي صفات ليها جينات مسؤولة عنها في الـDNA بتاعك، دي ممكن تتورث، راجع التعريفات.
رابعاً: النجاح في التزاوج Reproductive success، بسبب التنوعات الموروثة اللي حكينا عنها بيبقى بعض النسل أفضل من بعضه، وبالتالي فرصة النسل الأفضل في التزاوج بتبقى أعلى لأن ظروفه أحسن فهيتزاوج بشكل أكثر أماناً مثلا أو بمعدلات أعلى من غيره، ده بيبقى حسب القوانين اللي ماشية، يعني مثلا العنين الزرقا مفضلة عن البني، القرد اللي رجليه وإيديه أطول مُفضل علشان بيعرف يتنقل من شجرة لشجرة بشكل أسهل، الفهد الأسرع يصطاد أفضل، الدب أبو شعر كثيف يعيش أفضل في البرد، الفار البني ميتمسكش من القطط أفضل من الأبيض.. إلخ.
الخلاصة:
بسبب الاختلافات الموروثة بين الأفراد في المجموعة وحصول تنافس فيما بينهم، بعضهم بيبقى أفضل في قدرته على التكيف مع البيئة من الآخر، يعني مثلا القط أبو رجلين طويلة ممكن يبقى أفضل لأنه هيجري أسرع لما يطارده أسد مثلا، وبالتالي القط أبو رجلين طويلة ده بتبقى عنده فرصة أفضل للبقاء من غيره، ومن هنا بيبقى عنده فرصة أكبر للتزاوج مع قطط تانية ويجيب أولاد كلهم رجلهم طويلة، أما أصحاب الرجول القصيرة ففرصهم بتبقى أقل، وبالتالي بيواجهوا مشكلة أكبر في أنهم يكملو.. على مر الأجيال وتوريث الصفات اللي فضلتها الطبيعة على غيرها بيحصل تراكم للصفات الجديدة فوق بعضها بحيث تظهر كائنات مختلفة بالتدريج.
ومن هنا نيجي لتعريف التكيف ADAPTATION
القدرة النسبية على البقاء على قيد الحياة وبالتالي تقدر تتناسل بنجاح لإنتاج أعداد أكبر يحملون نفس صفاتك، ده معناه أن الفكرة المحورية في موضوع الانتخاب الطبيعي هيا الصلاحية التطورية evolutionary fitness.
ملحوظة: الصلاحية أو اللياقة التطورية دي مش بتتقاس بطريقة 1+1=2 بشكل محدد وصارم، لكنها بتتعرف على أنها ميل أو احتمال، هنفهم الفكرة دي أكتر لما ندرس تحرك الصفات الموروثة في التجمعات الحيوية بعد كام مقال، الصلاحية دي بيحكمها مصطلحين ممكن تدور عليهم لو تحب تستزيد: الصلاحية المطلقة Absolute Fitness ودي بتحصل لما نسبة تحرك الصفة من جيل للجيل اللي بعده تبقا أكتر من 1 صحيح، بمعنى أن الصفة الجديدة – أو أي صفة – بدأت نسبتها تزيد إحصائيا ف الجماعة، والمصطلح التاني هو الصلاحية النسبية Relative Fitness وده ليه علاقة بتنافس الصفات.
خلونا بقى هنا نتكلم عن واحدة من أكبر المغالطات في فهم النظرية، وهيا : "التطور ده عملية عشوائية بحتة، إزاي عاوزني أصدق أن الجمال والتعقيد ده كله جاي من العشوائية؟".
وده مش صح، الشيء الوحيد العشوائي هو الطفرات اللي بتؤدي لظهور صفات جديدة بينما الانتخاب الطبيعي بيحاول أنه يكون انتقائي في اتجاه الحفاظ على المكتسبات الجيدة للكائن الحي وبيتخلص من السيئة، وده معناه أن عندنا قاعدة انتقائية مهياش عشوائية، التطور بشكل متراكم بيحافظ على الفوايد وبيتخلص من الأضرار.
انتخاب طبيعي = انتقاء غير عشوائي + طفرات عشوائية.
داروين كان متخوف من نشر أفكاره بشكل أكبر وأكثر انتشارا، علشان رد الفعل المتوقع، لكن 1858 الفريد والاس بعت لداروين يتناقش معاه عن فكره وصل ليها زي فكرة داروين بالضبط، داروين رد عليه بأنها نفس فكرته عن الانتخاب الطبيعي، بعدها نشروا مع بعض ورقة بحثية واحدة عن الانتخاب الطبيعي، بعدها نشر داروين كتابه "أصل الانواع عن طريق الانتخاب الطبيعي".
خلونا نضرب بعض الأمثلة المشهورة للانتخاب الطبيعي:
(1) فراشة بستون بيتيولاريا
ده أشهر مثال معروف، فراشة بيستون بيتيولاريا هيا فراشة لونها فاتح كانت عايشة في الغابة بجانب لندن على الأشجار قبل الثورة الصناعية، حدث أنه ظهرت للفراشة طفرة انتجت أنواع غامقة.. خلونا للتسهيل نقول إن الفراشة بيضا والنوع اللي نتج كان أسود، لكن الشجر بتاع الغابة ايامها كان لونه أبيض، فكان من السهل على الطيور أنها تلاقي الفراشات البيضا على الشجر وتاكلها، لكن الفراشات البيضا فضلت مستخبية في لون الشجرة الأبيض.
بعد الثورة الصناعية وظهور المصانع خرجت الأبخرة السوداء والدخان للغابة وده تسبب في أن الأشجار بقى لونها أسود، هوبببا، الفراشات البيضا معدتش مستخبية زي زمان، الطيور بقى من السهل عليها أنها تلاقي الفراشة البيضا بينما السودا استخبت في لون الشجرة الأسود.
هنا بيظهر لينا معنى أن "الانتخاب الطبيعي أعمى"، يعني ملوش هدف محدد في المستقبل لكنه فقط بيعمل "بالضرورة" و "الآن" ، قبل الثورة الصناعية حافظ على الفراشة البيضا وبعدها جدت ظروف جديدة فاختلف الأمر، وهكذا الحياة تمشي للأمام.
الانتخاب
الطبيعي في البداية فضل الفراشة البيضا على السودا، وبكده امتلكت الفراشات
البيضا فرصة للتزاوج والحياة وتوريث صفتها القوية دي لولادها، بعد الثورة
الصناعية حصل العكس.
(2) طول عنق الزرافة:
لامارك قبل داروين قالك يا جماعة الموضوع بسيط، كان فيه زرافة قصيرة كل شوية تمد راسها على قد ما تقدر علشان تطول الورق بتاع الشجر، قامت جيل ورا جيل طولت رقبتها بسبب الموضوع ده، والتفسير ده متهالك لأن مثلا الأب اللي بيلعب حديد مش بيخلف أطفال عضلاتهم كبيرة.
الانتخاب الطبيعي بيقول إن كان فيه زرافات رقبتها طويلة وزرافات رقبتها قصيرة، على مدى أجيال كتير متتالية الطبيعة فضلت الزرافات اللي رقبتها أطول على حساب اللي رقبتها أقصر، مع كل ظهور لطفرة في طول الرقبة كانت الطبيعة بتنتخبه على حساب الآخر وتحطه في المقدمة.
هنا بيظهر لينا مدى التشابه بين الانتخاب الاصطناعي والطبيعي، الإنسان اختار الكلب الأشرس علشان يحميه والطبيعة اختارت الرقبة الأطول علشان تتكيف معاها.
(3) مقاومة الـ Staphyllococcus للمضادات الحيوية
في أواخر الستينات بدأت جيوش بكتيريا الـ Staphylococcus aureus الموجة الأولى من المقاومة ضد المضاد الحيوي اللي البشر كانوا فرحانين بيه أيامها اللي اسمه Methicillin، واحد من البسلينات، الهجمة المرتدة الأولى ظهرت نتايجها البائسة في الهند، استراليا، أوروبا ، كبداية. صدمة عظيمة حصلت في الوسط الطبي م فاقتهاش غير صدمة الموجة التانية من المقاومة اللي ضربت كل بلاد العالم في أواخر السبعينات، تم تغيير اسم البكتيريا لـ:Methicillin-resistant Staphylococcus aureus أو بالاختصار المشهور MRSA اللي يعرفوه طلبة الطب والصيدلة والبيولوجيا.
الصفعة القوية دي دفعت الباحثين لكشف سر التغير العجيب اللي طال الـ staph ، وحصلنا على الإجابة: طفرة بسيطة في الجين المسؤول عن تكوين البروتين اللي بيرتبط بيه البنسلينات، Penicillin Binding Protien شيء عادي، الطفرة دي غيرت شكل المكان اللي بيرتبط بيه البنسيلين ف البروتين، ربما كان ممكن نسميه "تشوه" في الوضع الطبيعي، شيء ممكن ميتلاحظش، حاجة عرضية، لكن لظروف وجود المضاد الحيوي أصبح هذا الشيء البسيط هو سر المقاومة، البكتيريا اللي مفيهاش الطفرة ماتت، والبكتيريا اللي حصلت فيها الطفرة عاشت، وبالتالي تكاثرت بنجاح وبقت هي الأكثر واحدة بواحدة بحيث بقى عندنا 100% من الStaph في العالم فيها الطفرة دي كجزء "طبيعي" من تكوينها.
رد البشر الهجوم بالـ Vancomycin ، واحد من أقوى المضادات الحيوية في العالم، وكانت الصدمة الأولى في اليابان سنة 1997 مع ظهور أول حالات بتحمل مقاومة متوسطة للفانكومايسين، واتسمت: Vancomycin-intermediate S. aureus.
بدأت واحدة بواحدة الباكتيريا المقاومة تظهر في دول العالم بالتوالي، بعدها طورت المقاومة الشعبية الباكتيرية أدواتها وسجلنا سنة 2000 في الولايات المتحدة أول حالة مقاومة كاملة للمضاد الحيوي واتسمت: Vancomycin-resistant S. aureus ولا زالت الأبحاث قائمة على فهم سبب تضخم الجدار الخلوي المفاجئ للبكتيريا وظهور الجين المقاوم، تحولت الـStaph لواحدة من أخطر أنواع البكتيريا في التاريخ.. إن لم تكن أخطرهم، في التايم لاين ده هتلاحظ تطور ظهور المقاومة البكتيرية للمضادات الحيوية:
فكرة
تطور المقاومة موجودة في أمثلة كتير زي ظهور مرض السل المتعدد المقاومة
للأدوية Multi-Drug Resistant، وكذلك تطوير الحشرات المنزلية – الصراصير
مثلا – مقاومة للمبيدات الحشرية.
(4) أنيميا الخلايا المنجلية
Sickle cell anemia
ده نوع من الأنيميا الانحلالية ظهر بسبب طفرة في الجين المسؤول كل عن تكوين الهيموجلوبين في البشر، بحيث تفقد كرات الدم الحمراء قدرتها على حمل الاكسجين و بتتغير لشكل المنجل، لكن العجيب أن الجين الجديد صاحب الطفرة ده – بيتسمى اختصارا HbS - تسبب في ظهور مقاومة لمرض الملاريا، بمعنى أن الأشخاص اللي على الDNA بتاعهم نسخة واحده من الجين المضروب ده بتظهر عندهم مقاومة للملاريا، في الطبيعي هيتحسب جين النوع ده من الأنيميا على أنو غلطة في الـDNA ممكن نتجاوزها في الأجيال القادمة، لكن بالنسبة لقارة أفريقيا؟
الأمر هنا يختلف، لأن وجود الجين ده أصبح له قدرة على حماية الأفراد من مرض بيقتل – حاليا بس - 1.2 مليون شخص سنوياً، وبالتالي قدرته دي مكنت البشر في المناطق دي من كسر التكيف اللي كان موجود قبل كده و صنع تكيف جديد بيموت فيه عدد أقل من البشر، العائلات اللي فيها الجين بتعيش وتتجوز وتخلف أفراد مقاومة للملاريا، بينما العائلات اللي معندهاش الجين ده مش بتقدر تكمل، حافظ البشر على الجين ده في بعض المناطق، مش برضاهم ولا برغبتهم لكن الانتخاب الطبيعي بطبعه هنا كان انتقائي في اتجاه الحفاظ على المكتسبات الجيدة للبشر في المناطق اللي بتصيبها الملاريا، بينما في المناطق اللي مبتصيبهاش الملاريا؟!
هنا العكس هيحصل لأن الصفة السيئة – مش الجيدة - هي وجود الجين ده، لذلك تخلص الانتخاب الطبيعي منه، وبكده نصل لنتيجة مفادها أن مكان تواجد الجين المفروض يبقى هو نفسه مكان تواجد الملاريا والعكس، بص على الخريطة دي:
على الشمال: نسب تواجد جين الـ HbS بتاع أنيميا الخلايا المنجلية في أفريقيا.
على اليمين: نسب تواجد الملاريا في أفريقيا.
ملاحظ حاجه؟
لكن قبل ما نبدأ في شرح التالي لازم نفهم جيدًا أن وجود صفة ما- أي صفة- في أي تجمع حيوي (راجع التعريفات) بيتخذ "شكل" قريب من التالي:
بمعنى
أننا لما بنتعامل مع تجمع حيوي متكون من 5000 قطة مثلا مبتبقاش الصفة
الأفضل تكيفًا مع الوضع الحالي- قول مثلا الرجلين الأطول- هي الموجودة بس،
لأ، بتبقى هي الصفة الأكثر ظهورًا من غيرها- قمة الشكل البياني- بينما بعض
الصفات الأقل تكيفًا- الرجول القصيرة- بتبقى متواجدة لكن بنسبه أقل
وبيمثلها هنا الحتت الملونة أخضر وأحمر على جانبي الشكل البياني، لكن هل الظروف الطبيعية بتظل كما هي؟
لأ طبعًا، الطبيعة في تغير دائم، كذلك كل كائن حي بيتغير شكل تكيفه مع البيئة المحيطة بشكل دائم، وهنا نيجي لدراسة ميكانزمات الانتخاب الطبيعي:
طرق الإنتخاب الطبيعي Modes of natural selection:
(1) الانتخاب الموجّه Directional Selection
الانتخاب الطبيعي هنا بيمشي في اتجاه واحد بس، في اتجاه طول عنق الزرافة مثلاً، كل ما يبقى أطول يبقى أفضل، يعني لو عندنا 3 زرافات 1و 2 و 3 بحيث طول رقبة الزرافة 3 أطول من 2 من 1.. هتكون حركة الانتخاب في اتجاه الزرافة 3 . لو عندنا تجمع حيوي من الفئران اللي لونها بيتنوع على الشكل البياني اللي فات بين اللون البني الفاتح والبني الغامق، بينما الشجر لونه بني غامق يبقى التجمع كله هيروح في طريق واحد فقط، هوا طريق اللون البني الغامق علطول، ومن هنا بيتسمى النوع ده من الانتخاب "انتخاب موجه" بحكم أنه متوجه في اتجاه واحد فقط زي الرسم التالي:
(2) الانتخاب التثبيتي Stabilizing selection
الانتخاب الطبيعي هنا بيمشي في اتجاه تثبيت صفة معينة متوسطة من بين مجموعة، مش صفة على طرف الرسم البياني بتتواجد بصفة قليلة، خلونا نرجع لمثال الزرافة ونقول إن الانتخاب هيختار الزرافة اللي هتتناسب مع طول الشجر مثلا، بمعنى أن الزرافات الأطول من كده مش هتبقى مناسبة للبيئة، الانتخاب هنا هيحافظ على صفة متوسطة ويثبتها، مثال آخر هو وزن الجنين البشري، لو قل عن رقم حوالين 3 كيلو مثلا مش هيبقى قادر أنه يعيش، بينما لو كان وزنه كبير مش هينفع يتولد بسبب ضيق فتحة خروجه، وبالتالي هيموت ومن هنا ظهرت التعليقات عن أثر العمليات القيصرية في تغيير شكل الجنس البشري! يبقا ده معناه أن الانتخاب هنا هيفضل الزرافة رقم 2 .
الانتخاب التثبيتي مهم جدا لأنه بيفسر ثبات شكل ووظائف بعض الكائنات على مدى سنين طويلة، القرش مثلاً والتمساح (ديناصور).. الثبات ده بيحصل لسببين رئيسيين:
(1) الكائن متكيف بشكل مثالي مع بيئته.
(2) البيئة مش بتتغير و تقريبا ثابتة.
(3) الانتخاب التمزقي disruptive selection
الانتخاب الطبيعي هنا بيمشي في اتجاه الطرفين على حساب الصفة المتوسطة، يعني لو عندنا أطوال رقبة الزرافة 1 و 2 و 3 زي ما قلنا.. الانتخاب هيمشي في اتجاه تفضيل 1 و3 على حساب رقم 2 ، يعني عكس الانتخاب التثبيتي، وده ليه أهمية قوية في ظهور أنواع جديدة، التشعب Divergence بيظهر هنا، والنوع ده من التطور اسمه التطور التباعدي Divergent evolution، النوع اللي بتظهر فيه أفراد جديدة بصفات مختلفة عن بعضها من نفس النوع.
مثال على كده فراشة papilio dardanus، الانتخاب بيختار ضد القيمة المتوسطة للصفة، لأن الفراشة المتوسطة مناسبة للأكل على عكس الطرفين.
الشكل ده بيوضح نظام حركة الصفات في التجمعات على حسب نوع الانتخاب، لاحظ أنها بتبقى حركة تجمع ككل.
خلينا نبسط الموضوع أكتر بتلات نماذج لتنوع صفة لون الجناح في الفراشات، إزاي ممكن لكل نظام انتخابي أنه يحقق نتيجة مع التجمع ده؟
(4) طبعًا واحد من أهم أنواع الانتخاب الطبيعي هو الانتخاب الجنسي Sexual selection، وهنا الانتخاب بيمشي في اتجاه تفضيل اللي شكله أجمل علشان يشد الطرف الآخر للتزاوج، أو تفضيل العضو الأكثر دفعا للخطر عن القطيع، علشان في النهاية يحصل نجاح تناسلي reproductive success وده معناه أن الطبيعة بتفضل الأجمل أو الأكبر أو اللي ريشه مبهر أكتر أو الواد أبو عنين زرقا؛ لأنه بيبقى عليه إقبال أكتر من الجنس الاخر، تم اكتشاف الفكرة من خلال ظهور صفات في التجمعات الحيوية ملهاش أي دعوة بالتكيف الوظيفي مثلا، زي اللون، وظهور الريش على الأجنحة، ظهور الريش من المعتقد أن سببه الرئيسي هو اجتذاب الجنس الآخر، الانتخاب التزاوجي هنا ليه نوعين:
- بجعل الأفراد بتوع التجمع أنفسهم جذابين للجنس الآخر intersexual selection.
- بتخويف أو ردع أو هزيمة المتنافسين من نفس الجنس intrasexual selection.
(5) فيه أنواع تانية من الانتخاب الطبيعي زي:
الانتخاب الزمري Group selection
اصطفاء القرابة Kin selection
الاجتماعية العلياeusociality
الأنواع
دي كلها من الانتخاب بتشرح إزاي أن التطور مش بس بيمشي في اتجاه الصراع،
ولكن كمان في اتجاه التعاون، طالما أن الحفاظ على بعض الصفات هيحافظ على
المجموعة ككل، الاجتماعية العليا هيا حالة قصوى من التنظيم زي عالم النحل
كده.. من هنا بتظهر مصطلحات زي "النفع المتبادل".
من كل اللي فات نستنتج أن الطبيعة أو "النظام البيئي" هو المعيار الوحيد لاختيار أي الصفات ممكن يفضل وأيها مش هيكمل، ويحصل على نجاح تزاوجي، وعلشان نعرف تأثير البيئة القوي خلونا نضرب مثال على نوع من التطور اسمه "التطور التقاربي Convergent Evolution" ونسأل:
هل ممكن التطور يخلي كائنات ملهاش علاقة ببعض تبقى شبه بعض لمجرد وجودهم في نفس البيئة واحتياجهم لنفس الصفات؟
الإجابة: أه، ومثال على كده هو التشابه بين شكل "الدلفين" (من الثدييات) مع " القرش " (سمكة) مع "الاكتيوصور "(وده حفرية كاملة لزاحف عاش في زمن سحيق).. وده لأنهم تعرضوا لنفس الظروف البيئية، فتقاربت صفاتهم بحيث تحقق التكيف مع بيئة معينة، رغم أن واحد منهم سمكة والتاني زاحف والتالت كائن ثديي.. إلا أنهم شبه بعض.
مثال آخر هو تشابه شكل نبات الفربيون Euphorbia مع الصبارCactus، رغم أن الأول من الفصيلة اللبنية والتاني من الفصيلة الصبارية، الإجابة: البيئة.. كذلك الخفاش وقدرته على الطيران رغم أنه من الثدييات. مدى التكيف الدقيق للكائنات مع البيئة بتاعتها بيتفسر بشكل أفضل باستخدام الانتخاب الطبيعي.
وبكده يبقى اتعلمنا 3 أنواع للتطور من خلال النماذج التلاتة الرئيسية للانتخاب الطبيعي:
خلينا بعد المقدمة البسيطة دي ندخل في التقيل.

تشارلز داروين مش أول واحد اتكلم في التطور، الموضوع ليه تاريخ كبير ممكن نحكي عنه في مقال خاص بيه، لكن داروين أضاف أفضل نموذج لتفسير عملية التطور ودخّله في العلم Science، بعد ما كان مجرد تأملات وتفسيرات تقترب من كونها فلسفية، لذلك أول درس في البيولوجيا التطورية بيدأ بداروين، بعض الأفكار اللي اتحطت قبل داروين كان ليها أثر في صياغته لنظريته، زي مثلا كلام تشارلز لايل سنة 1830 عن مدى التطور البطيء اللي بيحصل في عالم الجيولوجيا خلال ملايين السنين، وزيه قال جيمس هالتون، وكذلك تصور جد داروين "ارازموس داروين" عن التطور أو تصور "جان بابتيس لامارك " من قبله عن التطور واللي حط من خلاله – رغم قصوره – فكرة أن فيه "تطور"، وأن ارتباط الكائنات ببعضها ليه نمط ما، كل الأفكار ديه كانت قاعدة قدام داروين وغيره للبناء عليها، مفهوم التطور تاريخيا هو موضوع كبير زي ما قلت، وله امتداد في كل الثقافات حتى الثقافة العربية "الجاحظ وابن رشد".
الانتخاب الطبيعي هو الانتقاء/الانتخاب "غير العشوائي" من بين الطفرات والتغيرات
"العشوائية" اللي بتحصل في الجماعات بشكل طبيعي بسبب التباين، بحيث أن الصفات المنتخبة دي بتتورث للأجيال الجديدة.. وهكذا.
إيه الكلام الكبير دا؟
فيه بعض الحقائق الأساسية اللي اعتمدت عليها نظرية التطور علشان تخرج بفكرة "الانتخاب الطبيعي"، الحقائق دي استخدمها داروين وكتب أول مقال ليه سنة 1844 تحت عنوان: Descent with modificationأو "سلالة – أو نسب- معدل"
أولاً: الإنتاج المتزايد، بعد التزاوج بيخرج الأطفال بعدد أكبر من الجيل اللي موجود دلوقت، لو عندنا 12 قطة تزاوجوا مع بعض هيخلفوا 20 قطة مثلا، حتى لو الـ 12 الأساسيين اللي اتجوزوا ماتوا فهما سابو وراهم عدد أكبر؛ لذلك البشر مثلا عددهم بيزيد مش بيقل، بس هنا إحنا بنواجه مشكلة بيعتبرها توماس مالتوث - اللي اتكلم عنها سنة 1798 في مقال مشهور عنوانه "essay on population" - حاجة كده زي تيمة أو طبع للحياة، المشكلة هي أن الموارد بتاعتنا محدودة، بينما أعداد البشر – أو أي كائن آخر - بتزيد، يبقى ده معناه أن هييجي اليوم اللي يتقاطع فيه خط أعدادنا مع خط كمية الأكل المتاحلة لينا، زي الرسم البياني البسيط، يبقى ده معناه أن هيبقى فيه تنافس دائم بين الكائنات، صراع من أجل البقاء Struggle for life، وده اللي اعتمد عليه داروين في الفصل التالت من كتاب أصل الأنواع "النزاع من أجل البقاء".. اعتمد داروين على قوانين مالتوث ومن هنا ظهر واحد من أكثر المصطلحات اللي اتسببت في جدل عظيم على كوكبنا: البقاء للأصلح.

ثانيا: التنوع Varation شيء طبيعي، لما بتتكاثر الكائنات الحية مع بعضها بتنتج اختلافات بسيطة بينها ، تنوعات، يعني مثلا أنت مش شبه أبوك ولا أمك ولا أي حد في العالم ده، إلا إذا كنت صدام حسين، أكبر دليل على كدة هو أن مفيش إنسان ليه بصمة زي التاني، و ده معناه التالي:"في كل تجمع موجود تنوع واختلاف في الصفات"، والتنوع ده اكتشفنا أنه مش عشوائي ولكن مرتبط بمكان وجود الكائنات دي، بمعنى أن اختلاف شكل المنقار في عصافير جزر جالاباجوس مثلا – اللي اتسمى منها حوالي 15 نوع تحت اسم عصافير داروين Darwin's Finchs - مكانش عشوائي لكنه مرتبط بمدى توافق العصافير دي مع بيئتها، العصافير اللي بتاكل حبوب مناقيرها طاحنة علشان تكسر الحبوب، والعصافير اللي بتاكل ديدان مناقيرها دقيقة من قدام علشان تعرف تمسك الدودة.. وهكذا.

ضيف على التنوع الطبيعي الناتج عن عملية التباديل والتوافيق بين صفات الأب والأم سبب آخر للتنوع وهو الطفرات، راجع مقال التعريفات، خلينا نضرب مثال للتبسيط فقط علشان نوضح سببين التنوع:
لو قطة بيضا اتجوزت قطة سودة، الأولى ليها مخالب عريضة بس صغيرة والتانية ليها مخالب رفيعة بس طويلة:
1- الأبناء اللي جايين ممكن تبقى صفاتهم معكوسة (ابيض لكن مخالبه رفيعة).
2- كمان ممكن تنتج شكل جديد نتيجة طفرة، مخالب طويلة بس عريضة مثلا، قطة رمادي ،ممكن أحد الأبناء يخرج مثلا بشعر حوالين رجله أو ودنه، البعض ممكن يخرج رجليه أطول شوية، ودانه أكبر، وهكذا.
ثالثاً: الاختلافات بين الكائنات بتتورث لولادها، يعني التنوع ده بيتورث للأجيال الجاية ويضيف مزيد من التنوع، كل واحد بيورث صفاته لولاده، لكن خلي بالك هنا من نقطة اتكلمنا عنها قبل كده، أنك ممكن تكون طورت قدرتك على سرقة المحافظ من جيب الناس وده تسبب أنك تعيش في مستوى مادي كويس، لكنك مش هتورث القدرة دي لولادك، وده معناه أنها هتموت معاك، لكن لون عنيك مثلا أو طولك أو شكل مناخيرك دي صفات ليها جينات مسؤولة عنها في الـDNA بتاعك، دي ممكن تتورث، راجع التعريفات.
رابعاً: النجاح في التزاوج Reproductive success، بسبب التنوعات الموروثة اللي حكينا عنها بيبقى بعض النسل أفضل من بعضه، وبالتالي فرصة النسل الأفضل في التزاوج بتبقى أعلى لأن ظروفه أحسن فهيتزاوج بشكل أكثر أماناً مثلا أو بمعدلات أعلى من غيره، ده بيبقى حسب القوانين اللي ماشية، يعني مثلا العنين الزرقا مفضلة عن البني، القرد اللي رجليه وإيديه أطول مُفضل علشان بيعرف يتنقل من شجرة لشجرة بشكل أسهل، الفهد الأسرع يصطاد أفضل، الدب أبو شعر كثيف يعيش أفضل في البرد، الفار البني ميتمسكش من القطط أفضل من الأبيض.. إلخ.
الخلاصة:
بسبب الاختلافات الموروثة بين الأفراد في المجموعة وحصول تنافس فيما بينهم، بعضهم بيبقى أفضل في قدرته على التكيف مع البيئة من الآخر، يعني مثلا القط أبو رجلين طويلة ممكن يبقى أفضل لأنه هيجري أسرع لما يطارده أسد مثلا، وبالتالي القط أبو رجلين طويلة ده بتبقى عنده فرصة أفضل للبقاء من غيره، ومن هنا بيبقى عنده فرصة أكبر للتزاوج مع قطط تانية ويجيب أولاد كلهم رجلهم طويلة، أما أصحاب الرجول القصيرة ففرصهم بتبقى أقل، وبالتالي بيواجهوا مشكلة أكبر في أنهم يكملو.. على مر الأجيال وتوريث الصفات اللي فضلتها الطبيعة على غيرها بيحصل تراكم للصفات الجديدة فوق بعضها بحيث تظهر كائنات مختلفة بالتدريج.

ومن هنا نيجي لتعريف التكيف ADAPTATION
القدرة النسبية على البقاء على قيد الحياة وبالتالي تقدر تتناسل بنجاح لإنتاج أعداد أكبر يحملون نفس صفاتك، ده معناه أن الفكرة المحورية في موضوع الانتخاب الطبيعي هيا الصلاحية التطورية evolutionary fitness.
ملحوظة: الصلاحية أو اللياقة التطورية دي مش بتتقاس بطريقة 1+1=2 بشكل محدد وصارم، لكنها بتتعرف على أنها ميل أو احتمال، هنفهم الفكرة دي أكتر لما ندرس تحرك الصفات الموروثة في التجمعات الحيوية بعد كام مقال، الصلاحية دي بيحكمها مصطلحين ممكن تدور عليهم لو تحب تستزيد: الصلاحية المطلقة Absolute Fitness ودي بتحصل لما نسبة تحرك الصفة من جيل للجيل اللي بعده تبقا أكتر من 1 صحيح، بمعنى أن الصفة الجديدة – أو أي صفة – بدأت نسبتها تزيد إحصائيا ف الجماعة، والمصطلح التاني هو الصلاحية النسبية Relative Fitness وده ليه علاقة بتنافس الصفات.
خلونا بقى هنا نتكلم عن واحدة من أكبر المغالطات في فهم النظرية، وهيا : "التطور ده عملية عشوائية بحتة، إزاي عاوزني أصدق أن الجمال والتعقيد ده كله جاي من العشوائية؟".
وده مش صح، الشيء الوحيد العشوائي هو الطفرات اللي بتؤدي لظهور صفات جديدة بينما الانتخاب الطبيعي بيحاول أنه يكون انتقائي في اتجاه الحفاظ على المكتسبات الجيدة للكائن الحي وبيتخلص من السيئة، وده معناه أن عندنا قاعدة انتقائية مهياش عشوائية، التطور بشكل متراكم بيحافظ على الفوايد وبيتخلص من الأضرار.
انتخاب طبيعي = انتقاء غير عشوائي + طفرات عشوائية.
داروين كان متخوف من نشر أفكاره بشكل أكبر وأكثر انتشارا، علشان رد الفعل المتوقع، لكن 1858 الفريد والاس بعت لداروين يتناقش معاه عن فكره وصل ليها زي فكرة داروين بالضبط، داروين رد عليه بأنها نفس فكرته عن الانتخاب الطبيعي، بعدها نشروا مع بعض ورقة بحثية واحدة عن الانتخاب الطبيعي، بعدها نشر داروين كتابه "أصل الانواع عن طريق الانتخاب الطبيعي".
خلونا نضرب بعض الأمثلة المشهورة للانتخاب الطبيعي:
(1) فراشة بستون بيتيولاريا
ده أشهر مثال معروف، فراشة بيستون بيتيولاريا هيا فراشة لونها فاتح كانت عايشة في الغابة بجانب لندن على الأشجار قبل الثورة الصناعية، حدث أنه ظهرت للفراشة طفرة انتجت أنواع غامقة.. خلونا للتسهيل نقول إن الفراشة بيضا والنوع اللي نتج كان أسود، لكن الشجر بتاع الغابة ايامها كان لونه أبيض، فكان من السهل على الطيور أنها تلاقي الفراشات البيضا على الشجر وتاكلها، لكن الفراشات البيضا فضلت مستخبية في لون الشجرة الأبيض.
بعد الثورة الصناعية وظهور المصانع خرجت الأبخرة السوداء والدخان للغابة وده تسبب في أن الأشجار بقى لونها أسود، هوبببا، الفراشات البيضا معدتش مستخبية زي زمان، الطيور بقى من السهل عليها أنها تلاقي الفراشة البيضا بينما السودا استخبت في لون الشجرة الأسود.
هنا بيظهر لينا معنى أن "الانتخاب الطبيعي أعمى"، يعني ملوش هدف محدد في المستقبل لكنه فقط بيعمل "بالضرورة" و "الآن" ، قبل الثورة الصناعية حافظ على الفراشة البيضا وبعدها جدت ظروف جديدة فاختلف الأمر، وهكذا الحياة تمشي للأمام.

(2) طول عنق الزرافة:
لامارك قبل داروين قالك يا جماعة الموضوع بسيط، كان فيه زرافة قصيرة كل شوية تمد راسها على قد ما تقدر علشان تطول الورق بتاع الشجر، قامت جيل ورا جيل طولت رقبتها بسبب الموضوع ده، والتفسير ده متهالك لأن مثلا الأب اللي بيلعب حديد مش بيخلف أطفال عضلاتهم كبيرة.
الانتخاب الطبيعي بيقول إن كان فيه زرافات رقبتها طويلة وزرافات رقبتها قصيرة، على مدى أجيال كتير متتالية الطبيعة فضلت الزرافات اللي رقبتها أطول على حساب اللي رقبتها أقصر، مع كل ظهور لطفرة في طول الرقبة كانت الطبيعة بتنتخبه على حساب الآخر وتحطه في المقدمة.
هنا بيظهر لينا مدى التشابه بين الانتخاب الاصطناعي والطبيعي، الإنسان اختار الكلب الأشرس علشان يحميه والطبيعة اختارت الرقبة الأطول علشان تتكيف معاها.

(3) مقاومة الـ Staphyllococcus للمضادات الحيوية
في أواخر الستينات بدأت جيوش بكتيريا الـ Staphylococcus aureus الموجة الأولى من المقاومة ضد المضاد الحيوي اللي البشر كانوا فرحانين بيه أيامها اللي اسمه Methicillin، واحد من البسلينات، الهجمة المرتدة الأولى ظهرت نتايجها البائسة في الهند، استراليا، أوروبا ، كبداية. صدمة عظيمة حصلت في الوسط الطبي م فاقتهاش غير صدمة الموجة التانية من المقاومة اللي ضربت كل بلاد العالم في أواخر السبعينات، تم تغيير اسم البكتيريا لـ:Methicillin-resistant Staphylococcus aureus أو بالاختصار المشهور MRSA اللي يعرفوه طلبة الطب والصيدلة والبيولوجيا.
الصفعة القوية دي دفعت الباحثين لكشف سر التغير العجيب اللي طال الـ staph ، وحصلنا على الإجابة: طفرة بسيطة في الجين المسؤول عن تكوين البروتين اللي بيرتبط بيه البنسلينات، Penicillin Binding Protien شيء عادي، الطفرة دي غيرت شكل المكان اللي بيرتبط بيه البنسيلين ف البروتين، ربما كان ممكن نسميه "تشوه" في الوضع الطبيعي، شيء ممكن ميتلاحظش، حاجة عرضية، لكن لظروف وجود المضاد الحيوي أصبح هذا الشيء البسيط هو سر المقاومة، البكتيريا اللي مفيهاش الطفرة ماتت، والبكتيريا اللي حصلت فيها الطفرة عاشت، وبالتالي تكاثرت بنجاح وبقت هي الأكثر واحدة بواحدة بحيث بقى عندنا 100% من الStaph في العالم فيها الطفرة دي كجزء "طبيعي" من تكوينها.
رد البشر الهجوم بالـ Vancomycin ، واحد من أقوى المضادات الحيوية في العالم، وكانت الصدمة الأولى في اليابان سنة 1997 مع ظهور أول حالات بتحمل مقاومة متوسطة للفانكومايسين، واتسمت: Vancomycin-intermediate S. aureus.
بدأت واحدة بواحدة الباكتيريا المقاومة تظهر في دول العالم بالتوالي، بعدها طورت المقاومة الشعبية الباكتيرية أدواتها وسجلنا سنة 2000 في الولايات المتحدة أول حالة مقاومة كاملة للمضاد الحيوي واتسمت: Vancomycin-resistant S. aureus ولا زالت الأبحاث قائمة على فهم سبب تضخم الجدار الخلوي المفاجئ للبكتيريا وظهور الجين المقاوم، تحولت الـStaph لواحدة من أخطر أنواع البكتيريا في التاريخ.. إن لم تكن أخطرهم، في التايم لاين ده هتلاحظ تطور ظهور المقاومة البكتيرية للمضادات الحيوية:

(4) أنيميا الخلايا المنجلية
Sickle cell anemia
ده نوع من الأنيميا الانحلالية ظهر بسبب طفرة في الجين المسؤول كل عن تكوين الهيموجلوبين في البشر، بحيث تفقد كرات الدم الحمراء قدرتها على حمل الاكسجين و بتتغير لشكل المنجل، لكن العجيب أن الجين الجديد صاحب الطفرة ده – بيتسمى اختصارا HbS - تسبب في ظهور مقاومة لمرض الملاريا، بمعنى أن الأشخاص اللي على الDNA بتاعهم نسخة واحده من الجين المضروب ده بتظهر عندهم مقاومة للملاريا، في الطبيعي هيتحسب جين النوع ده من الأنيميا على أنو غلطة في الـDNA ممكن نتجاوزها في الأجيال القادمة، لكن بالنسبة لقارة أفريقيا؟
الأمر هنا يختلف، لأن وجود الجين ده أصبح له قدرة على حماية الأفراد من مرض بيقتل – حاليا بس - 1.2 مليون شخص سنوياً، وبالتالي قدرته دي مكنت البشر في المناطق دي من كسر التكيف اللي كان موجود قبل كده و صنع تكيف جديد بيموت فيه عدد أقل من البشر، العائلات اللي فيها الجين بتعيش وتتجوز وتخلف أفراد مقاومة للملاريا، بينما العائلات اللي معندهاش الجين ده مش بتقدر تكمل، حافظ البشر على الجين ده في بعض المناطق، مش برضاهم ولا برغبتهم لكن الانتخاب الطبيعي بطبعه هنا كان انتقائي في اتجاه الحفاظ على المكتسبات الجيدة للبشر في المناطق اللي بتصيبها الملاريا، بينما في المناطق اللي مبتصيبهاش الملاريا؟!
هنا العكس هيحصل لأن الصفة السيئة – مش الجيدة - هي وجود الجين ده، لذلك تخلص الانتخاب الطبيعي منه، وبكده نصل لنتيجة مفادها أن مكان تواجد الجين المفروض يبقى هو نفسه مكان تواجد الملاريا والعكس، بص على الخريطة دي:

على الشمال: نسب تواجد جين الـ HbS بتاع أنيميا الخلايا المنجلية في أفريقيا.
على اليمين: نسب تواجد الملاريا في أفريقيا.
ملاحظ حاجه؟
لكن قبل ما نبدأ في شرح التالي لازم نفهم جيدًا أن وجود صفة ما- أي صفة- في أي تجمع حيوي (راجع التعريفات) بيتخذ "شكل" قريب من التالي:

لأ طبعًا، الطبيعة في تغير دائم، كذلك كل كائن حي بيتغير شكل تكيفه مع البيئة المحيطة بشكل دائم، وهنا نيجي لدراسة ميكانزمات الانتخاب الطبيعي:
طرق الإنتخاب الطبيعي Modes of natural selection:
(1) الانتخاب الموجّه Directional Selection
الانتخاب الطبيعي هنا بيمشي في اتجاه واحد بس، في اتجاه طول عنق الزرافة مثلاً، كل ما يبقى أطول يبقى أفضل، يعني لو عندنا 3 زرافات 1و 2 و 3 بحيث طول رقبة الزرافة 3 أطول من 2 من 1.. هتكون حركة الانتخاب في اتجاه الزرافة 3 . لو عندنا تجمع حيوي من الفئران اللي لونها بيتنوع على الشكل البياني اللي فات بين اللون البني الفاتح والبني الغامق، بينما الشجر لونه بني غامق يبقى التجمع كله هيروح في طريق واحد فقط، هوا طريق اللون البني الغامق علطول، ومن هنا بيتسمى النوع ده من الانتخاب "انتخاب موجه" بحكم أنه متوجه في اتجاه واحد فقط زي الرسم التالي:

(2) الانتخاب التثبيتي Stabilizing selection
الانتخاب الطبيعي هنا بيمشي في اتجاه تثبيت صفة معينة متوسطة من بين مجموعة، مش صفة على طرف الرسم البياني بتتواجد بصفة قليلة، خلونا نرجع لمثال الزرافة ونقول إن الانتخاب هيختار الزرافة اللي هتتناسب مع طول الشجر مثلا، بمعنى أن الزرافات الأطول من كده مش هتبقى مناسبة للبيئة، الانتخاب هنا هيحافظ على صفة متوسطة ويثبتها، مثال آخر هو وزن الجنين البشري، لو قل عن رقم حوالين 3 كيلو مثلا مش هيبقى قادر أنه يعيش، بينما لو كان وزنه كبير مش هينفع يتولد بسبب ضيق فتحة خروجه، وبالتالي هيموت ومن هنا ظهرت التعليقات عن أثر العمليات القيصرية في تغيير شكل الجنس البشري! يبقا ده معناه أن الانتخاب هنا هيفضل الزرافة رقم 2 .
الانتخاب التثبيتي مهم جدا لأنه بيفسر ثبات شكل ووظائف بعض الكائنات على مدى سنين طويلة، القرش مثلاً والتمساح (ديناصور).. الثبات ده بيحصل لسببين رئيسيين:
(1) الكائن متكيف بشكل مثالي مع بيئته.
(2) البيئة مش بتتغير و تقريبا ثابتة.

(3) الانتخاب التمزقي disruptive selection
الانتخاب الطبيعي هنا بيمشي في اتجاه الطرفين على حساب الصفة المتوسطة، يعني لو عندنا أطوال رقبة الزرافة 1 و 2 و 3 زي ما قلنا.. الانتخاب هيمشي في اتجاه تفضيل 1 و3 على حساب رقم 2 ، يعني عكس الانتخاب التثبيتي، وده ليه أهمية قوية في ظهور أنواع جديدة، التشعب Divergence بيظهر هنا، والنوع ده من التطور اسمه التطور التباعدي Divergent evolution، النوع اللي بتظهر فيه أفراد جديدة بصفات مختلفة عن بعضها من نفس النوع.
مثال على كده فراشة papilio dardanus، الانتخاب بيختار ضد القيمة المتوسطة للصفة، لأن الفراشة المتوسطة مناسبة للأكل على عكس الطرفين.
الشكل ده بيوضح نظام حركة الصفات في التجمعات على حسب نوع الانتخاب، لاحظ أنها بتبقى حركة تجمع ككل.

خلينا نبسط الموضوع أكتر بتلات نماذج لتنوع صفة لون الجناح في الفراشات، إزاي ممكن لكل نظام انتخابي أنه يحقق نتيجة مع التجمع ده؟



(4) طبعًا واحد من أهم أنواع الانتخاب الطبيعي هو الانتخاب الجنسي Sexual selection، وهنا الانتخاب بيمشي في اتجاه تفضيل اللي شكله أجمل علشان يشد الطرف الآخر للتزاوج، أو تفضيل العضو الأكثر دفعا للخطر عن القطيع، علشان في النهاية يحصل نجاح تناسلي reproductive success وده معناه أن الطبيعة بتفضل الأجمل أو الأكبر أو اللي ريشه مبهر أكتر أو الواد أبو عنين زرقا؛ لأنه بيبقى عليه إقبال أكتر من الجنس الاخر، تم اكتشاف الفكرة من خلال ظهور صفات في التجمعات الحيوية ملهاش أي دعوة بالتكيف الوظيفي مثلا، زي اللون، وظهور الريش على الأجنحة، ظهور الريش من المعتقد أن سببه الرئيسي هو اجتذاب الجنس الآخر، الانتخاب التزاوجي هنا ليه نوعين:
- بجعل الأفراد بتوع التجمع أنفسهم جذابين للجنس الآخر intersexual selection.
- بتخويف أو ردع أو هزيمة المتنافسين من نفس الجنس intrasexual selection.

الانتخاب الزمري Group selection
اصطفاء القرابة Kin selection
الاجتماعية العلياeusociality

من كل اللي فات نستنتج أن الطبيعة أو "النظام البيئي" هو المعيار الوحيد لاختيار أي الصفات ممكن يفضل وأيها مش هيكمل، ويحصل على نجاح تزاوجي، وعلشان نعرف تأثير البيئة القوي خلونا نضرب مثال على نوع من التطور اسمه "التطور التقاربي Convergent Evolution" ونسأل:
هل ممكن التطور يخلي كائنات ملهاش علاقة ببعض تبقى شبه بعض لمجرد وجودهم في نفس البيئة واحتياجهم لنفس الصفات؟
الإجابة: أه، ومثال على كده هو التشابه بين شكل "الدلفين" (من الثدييات) مع " القرش " (سمكة) مع "الاكتيوصور "(وده حفرية كاملة لزاحف عاش في زمن سحيق).. وده لأنهم تعرضوا لنفس الظروف البيئية، فتقاربت صفاتهم بحيث تحقق التكيف مع بيئة معينة، رغم أن واحد منهم سمكة والتاني زاحف والتالت كائن ثديي.. إلا أنهم شبه بعض.

مثال آخر هو تشابه شكل نبات الفربيون Euphorbia مع الصبارCactus، رغم أن الأول من الفصيلة اللبنية والتاني من الفصيلة الصبارية، الإجابة: البيئة.. كذلك الخفاش وقدرته على الطيران رغم أنه من الثدييات. مدى التكيف الدقيق للكائنات مع البيئة بتاعتها بيتفسر بشكل أفضل باستخدام الانتخاب الطبيعي.

وبكده يبقى اتعلمنا 3 أنواع للتطور من خلال النماذج التلاتة الرئيسية للانتخاب الطبيعي:

والسؤال الدائم بعد ما نتعلم عن الانتخاب الطبيعي هو: أيوة بس دول نوعين مختلفين، إزاي يطلعوا من نفس النوع؟
Speciation الانتواع
ختمنا مقالنا اللي فات مع سؤال مهم : كيف تظهر الأنواع الجديدة؟
الانتواع هو عملية ظهور أنواع جديدة، هو عملية التفرع البطيء من نوع واحد علشان يظهر نوعين أو مجموعة من الأنواع، لذلك خلينا في البداية نعيد من المقال الأول في السلسلة دي تعريف "النوع":
النوع: Species مجموعة من الأفراد بإمكانهم التزاوج وإخراج نسل خصب، يمكنه التزاوج ، "أفراد + ممكن تزاوج + نسل خصب"، يعني مثلا مجموعة كلاب، ممكن يتجوزوا ويخلفوا كلاب زيهم، الكلاب الجديدة ممكن تتزاوج هي كمان وتخلف نسل خصب زيها.. وهكذا.
خطوات الانتواع:
1- العزل/الانعزال التكاثري Reproductive isolation
هي أننا نقوم بعزل مجموعتين من نفس النوع عن بعض عزل تام، بحيث ميحصلش أي تزاوج ما بينهم، وده معناه أن فيه مجموعة مش هتقدر تمرر جيناتها عبر التزاوج للمجموعة التانية، يعني حصل فصل بين الـوعاء الجيني Gene pools يعني مفيش الانسياب الجيني Gene flow
الوعاء الجيني Gene pool: هو محتوى كل المجموعة من الجينات والصفات.
الانسياب الحيني Gene flow: هو عملية تمرير الجينات بين أفراد المجموعة أو من مجموعة لمجموعة عبر الهجرة مثلا أو قدوم أفراد للمجموعة من حتة تانية، كل مجموعة بتمرر جيناتها لأفرادها لو مفيش أي عزل، لكن لو حصل عزل لنص المجموعة عن النص التاني، يبقى وقفنا الانسياب الجيني.
العزل ده بيحصل بسبب زلزال مثلا او سيول أو ممكن يكون بسبب اختلافات سلوكية أو لأي سبب ، مع العزل التام للمجموعتين بيحصل التغير في المحتوى الجيني بتاع كل منهم بشكل عشوائي، و بالتأكيد في كل مجموعة منهم هيمشي بشكل مختلف عن التانية.
2- الوقت:
المشكلة الحقيقية اللي بتقبل فيها الرافضون لنظريات زي "التطور" بتبقى غالباً بسبب مشكلة أننا كبشر صعب ندرك يعني إيه "مليار" و"مليون"، ممكن نعرفها بسهولة، ممكن نكتبها، بس صعب ندركها، خلونا نضرب مثال قرأته مرة ممكن يساعدنا هنا: مثلا لو فضلت تعد من واحد لحد مليار بالطريقة اللي بنعد بيها هتاخد 50 سنة تقريبا على ماتخلّص ! قبل مليار "ثانية" كنا حوالي سنة 1980 ولسه منعرفش أي حاجه عن التليفون المحمول! من مليار "دقيقة" كنا في العصر الروماني.
مليار سنة هو رقم لا يمكن تخيله فعلا ، نظرية التطور بتفترض أن الحياة ظهرت وتطورت على الأرض خلال 3.8 مليار سنة تقريباً !
العزل بين المجموعات وتوالي تراكم الصفات في كل مجموعة عن طريق حدوث الطفرات وشغل الانتخاب الطبيعي اللي بيتدخل لاختيار الأنسب في بيئتين مختلفتين، ظهور الصفات الجديدة بيعطينا أنواع جديدة، طب إزاي نعرف بظهور أنواع جديدة؟ وإمتا نحكم على النوع إنه جديد؟
خلينا نفترض أنه حصل نوع من التواصل تاني بين المجموعتين اللي انفصلو من كام مليون سنة، وحاول حيوان من المجموعة الأولى أنه يتزاوج مع حيوان من المجموعة التانية، يتحسب أن حصل فرق بين النوعين عندما:
أ: مينفعش يحصل تزاوج ما بينهم، خلاص، بقوا مختلفين (عزل قبل تكوين الزيجوت (Prezygotic Isolation ، كمان ممكن يحصل تزاوج بس الحيوان المنوي ميتعرفش على البويضة مثلا.
ب: لو فرضنا ونفع التزاوج ما بينهم يحصل نسل عقيم أو يموت (عزل بعد تكوين الزيجوت Postzygotic Isolation، والحالة التانية مثال عليها هو تزاوج الحصان والحمار، ينتج البغل وهو عقيم، يبقى ده معناه أن كل من الحمار والحصان "نوعين منفصلين".
3- التشعب Divergence
يعني بعد العزل ومع الوقت يحصل تشعب لنوعين جداد، كل واحد منهم ليه خصائصه، وينطبق عليه تعريف كلمة النوع Species اللي حكينا عنها فوق، ومختلف تماما عن النوع التاني.
طرق الانتواع Modes of Speciation
أولاً: انتواع تبايني Allopatric Speciation
لما بيحصل عزل جغرافي كامل بين أفراد المجموعة أو مجموعتين من نفس النوع بحيث يمنعهم عن التواصل الجنسي وتمرير جيناتهم ، انهيار أرضي أو بركان مثلا أو ارتفاع مستوى الماء لعزل منطقتين، مع الوقت بيحصل التغير في المحتوى الجيني بشكل مختلف لكل مجموعة، وفي النهاية بيبقى عندنا نوعين، زي النموذج ده:
بعض الأمثلة
1- انقسام مجموعات الـ Porkfish قبل ارتفاع برزخ بنما من 3.5 مليون سنة، العزل الجغرافي هنا منع الانسياب الجيني بين مجموعات من نفس النوع، مما أدى إلى أن كل مجموعة تطورت بشكل منفصل لإعطاء نوعين مختلفين:
2- ارتحال السحالي حول جبال روكي في الولايات المتحدة، الجانب الغربي من الجبال رطب ناحية البحر بينما الجانب الشرقي صخري، أدى هذا الاختلاف في الأنظمة البيئية لتطور كل من المجموعتين المنقسمتين من السحالي بشكل مختلف، وكانت النتيجة أنواع مختلفة لا يمكن ليها التزواج معاً.
3- مثال أخير مشهور هو التشعب البديع هو ظهور أكتر من 30 نوعا من عباد الشمس، اللي وصل جزر هاواي قبل 5 ملايين سنة، ومع الوقت تحول لأنواع مختلفة تماما عن بعضها ، التنوع الجميل ده اتشهر باسم Silversword alliance، أثبتت تحاليل البيولوجيا الجزيئية انحدار كل الأنواع دي من نبتة واحدة وصلت الجزيرة من 5 ملايين سنة.
4- واحدة من التجارب المعملية في الانتواع هي تجربة الدكتورة ديان دودد من جامعة ييل، دايان فصلت بين مجموعتين من نفس النوع من ذبابة الفاكهة في مكانين منفصلين، غذت النوع الأول على أكل فيه جلوكوز أكتر (نوع من السكر)، وغذت المجموعة التانية على أكل فيه مالتوز أكتر (نوع اخر من السكر)، وفضل الوضع على كده لعدة أجيال، بعد كده فتحت للمجموعتين الطريق للإلتقاء تاني، وكانت النتائج كما هو متوقع، مالت كل مجموعة منهم للتزاوج من أفراد نفس المجموعة الصغيرة، بتوع الجلوكوز مالو أكتر للتزاوج معا وبتوع المالتوز هكذا.
ثانيا: انتواع تماثلي sympatric speciation
وده بيحصل من غير عزل جغرافي، جوة المجموعة، ممكن يكون بيحصل بسبب عزل سلوكي أو تزاوج غير عشوائي، يعني تزاوج انتقائي، كل فرد بيختار فرد معين للتزاوج معاه مش أي فرد وخلاص.. النوع ده نادر.. لأن بيحصل دايما انسياب جيني فالعملية تقف.
مثال على الموضوع ده هو عملية الانتواع اللي تسبب فيها قدوم التفاح إلى الولايات المتحدة، قبل الوقت ده كانت بعض أنواع الذبابات بتحط بيضها على فاكهة اسمها الزعرور البري Hawthworm (شبه التفاح) ، مع قدوم التفاح فضلت بعض الذبابات أنها تحط البيض على التفاح، مع تتابع الأجيال نشأ نوع من الانفضال وانقطع الانسياب الجيني بين النوعين، وبقى عندنا ذبابة التفاح وذبابة الزعرور البري، من دون أي عزل جغرافي، هذا الشكل من الانتواع تمت ملاحظته يحدث خلال الـ 200 سنة اللي فاتت.
مثال آخر هو تنوع أسماك البلطي الموجودة في بحيرة فيكتوريا رغم تواجدها في نفس البحيرة من دون عزل جغرافي.
أحد الأسباب المقترحة للانتواع الشديد ده هي التفضيلات اللونية، من المعروف أن انكسار الضوء في مياه البحيرات بيعطي المية لون مائل للأزرق بقرب السطح ومائل للأحمر بقرب القاع، السمكات اللي عاشت بقرب السطح طورت إمكانيات للتعايش في بيئة لونها أزرق، أهم هذه الإمكانات هو تطوير لون أزرق للتخفي من المفترسات، العكس حصل تحت، بقى عندنا في النهاية نوعين من السمك: أزرق وأحمر، كل نوع بتفضل إناثه ذكور من نفس لونها والعكس.
التنوع الكبير اللي حصل خلال كام ألف سنة في سمك البلطي، كان السبب في فتح باب واسع لدراسة النوع ده من السمك، في العدد الفائت من مجلة العلوم – الترجمة العربية لأميريكان ساينتفك – بينفرد مقال طويل للكلام في السمك البلطي.
فيه حالة نادرة للانتواع التماثلي، وهي لما فردين من نوعين مختلفين يتزاوجوا، سبب الندرة هو أن الأفراد من أنواع مختلفة مع تزاوجهم بتظهر أفراد عقيمة - زي ما قنا من شوية - لكن حصل تزواج بين النوعين أرابيدوپسس ثاليانا Arabidopsis thaliana وأرابيدوپسس أرينوز Arabidopsis arenosa وينتج نوع جديد هو: أرابيدوپسس سويسيكا Arabidopsis suecica الموضوع ده حصل قبل حوالي 20000 سنة والعلماء أعادوا العملية دي في المختبرات، مما أتاح لينا دراسة الآلية الوراثية للموضوع ده.
ثالثاً: انتواع خارجي peripatric speciation
زي الانتواع التبايني بس بيحصل لما تتعزل مجموعة صغيرة جغرافيا عن القطيع، الميزة في المجموعات الصغيرة هي أن التغير الجيني بيحصل بسهولة جدا فيها عن التجمعات الكبيرة وده هنشرح سببه بعدين.
رابعاً: انتواع محازي parapatric speciation
زي الانتواع الخارجي في كونه بيحصل لمجموعة صغيرة لكن هنا بيحصل عزل لسبب اخر غير حاجز جغرافي، ممكن بسبب تغيرات في البيئة مثلا و شكلها ، زي اللي بيحصل لنوع من العشب اسمه العشب الربيعي Anthoxanthum odoratum بسبب تلوث معدني عمله وجود المناجم ، من هنا بعض الافراد كونو مقاومة للنوع ده من التلث و باقي المجموعة كملت و في النهاية و بعد حدوث التطور ده حصل عزل تكاثري بين المجموعتين.
والخلاصة:
مثال حالي لحدوث الانتواع: هجرة طيور أبو قلنسوة Central European blackcap.
لحد 1960 كانت لطائر أبو قلنسوة بتاع وسط أوروبا رحلتين، يصيف في ألمانيا ويشتي تحت في أسبانيا، لكن بعد رواج ظاهرة "تغذية الطيور في فناء المنزل" عند الإنجليز في بريطانيا وسهولة حصول الطيور على الغذاء هناك انفصلت بعض المجموعات من أبو قلنسوة وراحت تشتّي في إنجلترا، مع مرور الوقت واختلاف فترات الرحلتين (إسبانيا أطول بكتير)، بدأت الأفراد من نفس الرحلة يتزاوجوا مع بعض أكتر حتى لو اتقابلو معاً في ألمانيا، سنة 2009 اتعملت دراسة نتج منها انو المجموعتين اختلفو عن بعض تشريحيا، المجموعة اللي سافرت لإنجلترا طورت جناحات دائرية أكتر و مناقير حادة وطويلة، ده حصل فقط في 30 جيل، وبدأ العزل الجنسي يحصل بالفعل تدريجيا.
تعريف كلمة "نوع" هو سر اللعبة في قبول فكرة "ظهور أنواع جديدة".
أنماط الانتواع
بكده قدرنا نتعرف على نظام الانتواع وإزاي بيشتغل، ومن هنا برضك عرفنا إزاي بتنشأ أنواع من أنواع أخرى، كل نوع يعطي نوعين، وكل نوع منهم يعطي اتنين.. وهكذا، وده بيبقى اسمه تفرع بسيط Simple Branching ، وده أعطانا فكرة عن شكل التطور، أنه مش سلم طالع لفوق، ولكنه شجرة، بتظهر ليها تفرعات مع الزمن.
هنا نبقى فهمنا سر الخطأ في المغالطة الأشهر في حق نظرية التطور واللي بتتكون من جزئين: "الإنسان أصله قرد"، "يا عم إذا كان الإنسان أصله قرد ، ليه القرود لسه عايشة لحد دلوقت؟".
في أحد فروع الشجرة اللي اتكلمنا عنها دي ظهر القرد والإنسان من نفس السلف المشترك ده Comon Descent أو Common ancestor، الفكرة دي - الأصل المشترك - ليها تاريخ قبل داروين، إيمانويل كانط سنة 1795 كان بيقول بكده.
الموضوع مش كائن بيسلم الراية لكائن آخر، التطور عبارة عن شجرة زي ما قلنا، طب لو رجعنا لورا ؟
هنلاقي كل مجموعة من الكائنات ليها سلف مشترك خرجت منه بالتطور، لو رجعنا لورا أكتر هنلاقي الأسلاف دي نفسها اتوجدت من أسلاف تانية أقل في العدد، وهكذا نرجع لورا لحد ما نوصل للأصل الواحد أو الخلية الأولى، طيب هل نظرية التطور على كده بتفسر نشأة الخلية الأولى؟
دي واحدة من أشهر المغالطات في حق نظرية التطور: نظرية التطور ملهاش دعوة بتفسير نشأة الخلية الأولى، ده علم منفصل بيتكلم في إمكانية حدوث الـ Abiogenesis التولد التلقائي، وبيبحث في كيفية نشأة الخلية دي وفيه تجارب كتير حصلت معروفة، الجزء ده من العلم لازال بيواجه مشاكل كتير جدا من بينها قصر الفترة الزمنية الكافية لتولد خلية حية.. ولازالت الفرضيات بتنزل ورا بعض والجميع بيشتغل، نظرية التطور ملهاش دعوة بالموضوع ده، في كتابه "أصل الأنواع" بيتكلم داروين عن "أصل الأنواع" مش "أصل الحياة"
المغالطة: الإنسان أصله قرد
الصواب: الإنسان والقرد ليهم سلف مشترك واحد طلعوا منه.
فيه نمط تاني للانتواع، مش عبارة عن تفرع كل نوع لنوعين، ولكن لمجموعة من الأنواع، وده بيعطيني ظهور سريع لمجموعة من الأنواع الجديدة، اسمه تشعب تكيفي Adaptive radiation وبيحصل لما مجموعة تكبر بشكل ضخم، وتظهر منافسة قوية بين أفرادها مع وجود تنوع جيني جواها وظهور صفات جديدة نسبياً، في نفس الوقت اللي بتظهر فيه مصادر بيئية للأكل والمية خارج المجموعة، ده بيخلي مجموعات صغيرة متعددة - قريبة من بعضها في الصفات - من نفس المجموعة تنعزل عن المجموعة وتتكيف مع الوضع الجديد، ومن هنا تظهر فكرة التشعب التكيفي.
مثال على لموضوع ده هو ظهور الجرابيات Marsupials في استراليا من سلف مشترك واحد.
كمان ظهور عصافير جالاباجوس Galapagos finches من سلف مشترك واحد، بحيث يتناسب كل نوع منها مع نظام الاكل المتاح ف الحتة اللي هو فيها.
وكذلك مثالين اتكلمنا عنهم في أثناء الحديث عن الانتواع: تنوع أسماك البلطي في بحيرة فيكتوريا و تنوع أنواع عباد الشمس في هاواي
وتيرة التطور Pace of evolution
فيه فرضيتين للكلام عن وتيرة التطور، واحدة بتقول إن التطور ده حصل بشكل متراكم وتدريجي بطيء ومستمر في جميع مراحله Gradual Evolution والنظرية التانية بتقول إن التطور حصل بشكل ثورات، يعني فترة من الزمن فيها استقرار في عدد الأنواع وأشكالها، وبعد كده فترة ظهرت فيها أنواع جديدة كتير مع بعض، التاني ده اسمه "الاتزان المتقطع Punctuated Equilibrium".
لازالت المعركة بين الاتزان المتقطع والتطور التدريجي لم تحسم بعد، الاتزان المتقطع بيجد بعض التأييد ليه من خلال التطور الجيولوجي للأرض، فيه أزمنة لقينا فيها ظهور لحفريات كتير وأزمنة استقرار، الرأي ده بيأكده التغير الجغرافي اللي حصل على كوكب الأرض، وكذلك اللتغيرات البيئية والمناخية، واللي حصل هو كمان على شكل ثورات في أزمنة قصيرة حصل بعدها استقرار، وده طبعاً مرتبط بعملية الSpeciation لأن فكرة العزل الجغرافي والتغيرات البيئية هي عنصر أساسي في حدوث الانتواع.
فيه 3 تصورات حالية عن وتيرة التطور، كلها مرتبطة بالطريقة الوحيدة الممكن لينا من خلالها دراسة تطور الكائنات عبر الزمن: السجل الأحفوري.
1- مع الوقت في السجل الأحفوري بنتقابل في حفريات بتوضح تطور الكائن على مدى زمني كبير بشكل منتظم:
وده واضح بشكل كبير في السجل الأحفوري، خاصة حالة تطور الحوت:
2- حدوث قفزات مفاجئة في السجل الأحفوري على مدى زمنى قصير:
3-
القفزات التطورية ممكن تبقى بسبب طفرات قوية (الموضوع ده هيتوضح بشكل أفضل
لما ندرس التطور الإنمائي)، وممكن تكون بسبب تغيرات جيولوجية ثورة أدت
لتطورات بيولوجية سريعة، في كل الأحوال القفزات دي واضحة بشكل كبير في
السجل الأحفوري، من غير حلقات كتير وسيطة، لكن البعض من بيولوجيي التطور
التدريجي بيسأل: هل بالضرورة تواجد الحفريات بالشكل ده في طبقات الأرض
بيأكد حدوث قفزات تطورية؟ مش ممكن ده يكون وهم بيولوجي؟ مش ممكن يكون فيه
كائنات وسيطة متدرجة بس اختفت ولم تُحفظ جيداً؟ اللي قدرنا نحصره ف السجل
الأحفوري هو أقل بكثير من 1% من أشكال الحياة على سطح الأرض برضك !
من هنا بتنشأ الحيرة في تفسير النمط أو الوتيرة الحقيقية اللي أخدتها الكائنات الحية في تطورها.
وراثة الجماعات
ملحوظة: التطور على المستوى الكبير (الصفات و الكائنات) اسمه التطور الكبروي Macroevolution أما على المستوى الجيني الدقيق فبيبقى اسمه التطور الصغروي Microevolution.
خلونا هنا ناخد مقدمة قصيرة كده عن الوراثة علشان تساعدنا في الكلام اللي جاي، ونبدأ بشوية تعريفات سابقة:
- الوعاء الجيني Gene pool: المحتوى الجيني الكلي لتجمع ما Population ، كل صفة، كل أليل،
- الأليل Allele: هو نسخة أو بديل للجين أو الموقع الجيني وعلشان نفهم المعنى ده خلينا ناخد مثال، يعني مثلا عندنا "جين تحديد فصيلة الدم"، الجين ده له 3 ألائل:
يعني 3 احتمالات للصفة دي.طيب دلوقت كل إنسان المفروض أن عنده أليلين بس "واحد من الام والتاني من الأب" للصفة دي.. يبقى ده معناه أننا هنتعرض لتنوع في الصفات هنا، عندنا الاحتمالات التالية:
ده معناه أن عندنا 6 احتمالات لصفة نوع فصيلة الدم عند الإنسان.. لكن خلينا بقا نتعرف على نقطة مهمة.. زي ما فيه صفة سائدة Dominant و صفة متنحية Recessive - راجع التعريفات - فيه الائل سائدة ومتنحية .. وزي ما اتكلمنا عن الصفات هنقول أن الالائل السائدة بتغلب المتنحية.. وبما ان الـ "A" ،" B "سائدة بيغلبوا "O" المتنحية.
وبكده يبقا عندنا 4 فصائل معروفة للدم.
خلونا بقى نضرب مثال عشوائي للتوضيح، لنفترض أن عندنا صفة، أي صفة، لون العين مثلا، الصفة دي لها جين طبعاً، والجين ده له أليلين، يعني احتمالين مثلا، لون العين البني وده أليل سائد هنرمز ليه بـ W الكبيرة، و لون العين الأزرق وهو أليل متنحي هنرمز ليه بـ w الصغيرة .. و معانا أب لون عنيه بني و عنده Ww وأم لون عنيها بني وعندها Ww هيا كمان، و لأن الازرق متنحي فالاليل بتاعه رغم وجوده هيبقا مش ظاهر، ايه الاحتمالات عندنا؟
خلينا علشان نحط الاحتمالات ناخد أليل من واحد منهم ونوفقة مع الاتنين التانيين وهكذا.
WW بني.
Ww بني برضه، لأن فيه أليل سائد بني والتاني أزرق لكنه متنحي.
wW بني برضه.
ww أزرق.. لأن الأليلين المتنحيين اجتمعوا مع بعض ومفيش أليل سائد يغلبهم.
ده معناه أن ممكن أب بعنين بني وأم بعنين بني يخلّفوا أطفال عنيهم زرقا، لمجرد أن اليل اللون الأزرق المتنحي كان مدفون في جينات جدودهم مثلا، يبق ده بيعلمنا أن ممكن تبقى نفس الصفة الظاهرية Phenotype ليها أكتر من صفة جينية واحدة ممكن تعملها Genotype، وأهمية ده بتظهر مع التزاوج (راجع التعريفات).
وهكذا، في كل الصفات موضوع الألائل بيدخل، لو عندنا 2 أليل شبه بعض (مثال: AA اسمه زيجوت متماثل homozygous)، لو عندنا 2 أليل مش شبه بعض ( مثال AO : اسمه زيجوت متباين Heterozygote)
خلي بالك أن ده معناه أن الصفة من برة (الصفة الظاهرية ) تكون هيا هياها عند شخصين لكن على الجينات الألائل مختلفة.
ملحوظة: الزيجوت Zygote هوا الخلية الأولى المتكونة مثلا من اتحاد الحيوان المنوي مع البويضة في البشر.
خلاصة:
عندنا صفات ظاهرية "لون العين مثلا" بتحددها جيناتنا عن طريق عملية
الاحتمالات اللي بيعملها اتحاد الألائل مع بعض بعد التزاوج، بكده نبقى
أخدنا مقدمة جيدة عن الوراثة تساعدنا في اللي جاي، وبإمكنك تطبيق الموضوع
ده على كل الصفات والألائل بتوعها، في المرة الجاية هنبدأ في الكلام عن
واحد من أهم وأقوى الموضوعات في البيولوجيا التطورية : وراثة الجماعات
Population Genetics.
التطور هو تغير في الكائن الحي، بيوجهه الانتخاب الطبيعي، التغير ده بيحصل بسبب التنوع بين الأفراد في الجماعة الواحدة، والصفات ديه موروثة، لكن فيه سؤال بيطرح نفسه هنا: طالما الأب والأم بيورثوا صفاتهم لأبنائهم، ليه الأبناء مش بيطلعوا نسخ من أهاليهم؟ ليه بيتحسب ده كمصدر للتغير؟ مش المفترض أن توريثهم ده معناه أن الصفة ثابتة؟
اتكلمنا قبل كده عن الانقسام الميوزي وقلنا إنه هو المسؤول عن عمل الخلايا التناسلية بحيث لما يتقابل الحيوان المنوي مع البويضة تقوم الكروموسومات الـ 23 بتوع الأب والـ23 بتوع الأم يتحدوا تاني ويعملوا 46 بتوعك
ختمنا مقالنا اللي فات مع سؤال مهم : كيف تظهر الأنواع الجديدة؟

الانتواع هو عملية ظهور أنواع جديدة، هو عملية التفرع البطيء من نوع واحد علشان يظهر نوعين أو مجموعة من الأنواع، لذلك خلينا في البداية نعيد من المقال الأول في السلسلة دي تعريف "النوع":
النوع: Species مجموعة من الأفراد بإمكانهم التزاوج وإخراج نسل خصب، يمكنه التزاوج ، "أفراد + ممكن تزاوج + نسل خصب"، يعني مثلا مجموعة كلاب، ممكن يتجوزوا ويخلفوا كلاب زيهم، الكلاب الجديدة ممكن تتزاوج هي كمان وتخلف نسل خصب زيها.. وهكذا.
خطوات الانتواع:
1- العزل/الانعزال التكاثري Reproductive isolation
هي أننا نقوم بعزل مجموعتين من نفس النوع عن بعض عزل تام، بحيث ميحصلش أي تزاوج ما بينهم، وده معناه أن فيه مجموعة مش هتقدر تمرر جيناتها عبر التزاوج للمجموعة التانية، يعني حصل فصل بين الـوعاء الجيني Gene pools يعني مفيش الانسياب الجيني Gene flow
الوعاء الجيني Gene pool: هو محتوى كل المجموعة من الجينات والصفات.
الانسياب الحيني Gene flow: هو عملية تمرير الجينات بين أفراد المجموعة أو من مجموعة لمجموعة عبر الهجرة مثلا أو قدوم أفراد للمجموعة من حتة تانية، كل مجموعة بتمرر جيناتها لأفرادها لو مفيش أي عزل، لكن لو حصل عزل لنص المجموعة عن النص التاني، يبقى وقفنا الانسياب الجيني.
العزل ده بيحصل بسبب زلزال مثلا او سيول أو ممكن يكون بسبب اختلافات سلوكية أو لأي سبب ، مع العزل التام للمجموعتين بيحصل التغير في المحتوى الجيني بتاع كل منهم بشكل عشوائي، و بالتأكيد في كل مجموعة منهم هيمشي بشكل مختلف عن التانية.
2- الوقت:
المشكلة الحقيقية اللي بتقبل فيها الرافضون لنظريات زي "التطور" بتبقى غالباً بسبب مشكلة أننا كبشر صعب ندرك يعني إيه "مليار" و"مليون"، ممكن نعرفها بسهولة، ممكن نكتبها، بس صعب ندركها، خلونا نضرب مثال قرأته مرة ممكن يساعدنا هنا: مثلا لو فضلت تعد من واحد لحد مليار بالطريقة اللي بنعد بيها هتاخد 50 سنة تقريبا على ماتخلّص ! قبل مليار "ثانية" كنا حوالي سنة 1980 ولسه منعرفش أي حاجه عن التليفون المحمول! من مليار "دقيقة" كنا في العصر الروماني.
مليار سنة هو رقم لا يمكن تخيله فعلا ، نظرية التطور بتفترض أن الحياة ظهرت وتطورت على الأرض خلال 3.8 مليار سنة تقريباً !
العزل بين المجموعات وتوالي تراكم الصفات في كل مجموعة عن طريق حدوث الطفرات وشغل الانتخاب الطبيعي اللي بيتدخل لاختيار الأنسب في بيئتين مختلفتين، ظهور الصفات الجديدة بيعطينا أنواع جديدة، طب إزاي نعرف بظهور أنواع جديدة؟ وإمتا نحكم على النوع إنه جديد؟
خلينا نفترض أنه حصل نوع من التواصل تاني بين المجموعتين اللي انفصلو من كام مليون سنة، وحاول حيوان من المجموعة الأولى أنه يتزاوج مع حيوان من المجموعة التانية، يتحسب أن حصل فرق بين النوعين عندما:
أ: مينفعش يحصل تزاوج ما بينهم، خلاص، بقوا مختلفين (عزل قبل تكوين الزيجوت (Prezygotic Isolation ، كمان ممكن يحصل تزاوج بس الحيوان المنوي ميتعرفش على البويضة مثلا.
ب: لو فرضنا ونفع التزاوج ما بينهم يحصل نسل عقيم أو يموت (عزل بعد تكوين الزيجوت Postzygotic Isolation، والحالة التانية مثال عليها هو تزاوج الحصان والحمار، ينتج البغل وهو عقيم، يبقى ده معناه أن كل من الحمار والحصان "نوعين منفصلين".
3- التشعب Divergence
يعني بعد العزل ومع الوقت يحصل تشعب لنوعين جداد، كل واحد منهم ليه خصائصه، وينطبق عليه تعريف كلمة النوع Species اللي حكينا عنها فوق، ومختلف تماما عن النوع التاني.
طرق الانتواع Modes of Speciation
أولاً: انتواع تبايني Allopatric Speciation
لما بيحصل عزل جغرافي كامل بين أفراد المجموعة أو مجموعتين من نفس النوع بحيث يمنعهم عن التواصل الجنسي وتمرير جيناتهم ، انهيار أرضي أو بركان مثلا أو ارتفاع مستوى الماء لعزل منطقتين، مع الوقت بيحصل التغير في المحتوى الجيني بشكل مختلف لكل مجموعة، وفي النهاية بيبقى عندنا نوعين، زي النموذج ده:

بعض الأمثلة
1- انقسام مجموعات الـ Porkfish قبل ارتفاع برزخ بنما من 3.5 مليون سنة، العزل الجغرافي هنا منع الانسياب الجيني بين مجموعات من نفس النوع، مما أدى إلى أن كل مجموعة تطورت بشكل منفصل لإعطاء نوعين مختلفين:

2- ارتحال السحالي حول جبال روكي في الولايات المتحدة، الجانب الغربي من الجبال رطب ناحية البحر بينما الجانب الشرقي صخري، أدى هذا الاختلاف في الأنظمة البيئية لتطور كل من المجموعتين المنقسمتين من السحالي بشكل مختلف، وكانت النتيجة أنواع مختلفة لا يمكن ليها التزواج معاً.

3- مثال أخير مشهور هو التشعب البديع هو ظهور أكتر من 30 نوعا من عباد الشمس، اللي وصل جزر هاواي قبل 5 ملايين سنة، ومع الوقت تحول لأنواع مختلفة تماما عن بعضها ، التنوع الجميل ده اتشهر باسم Silversword alliance، أثبتت تحاليل البيولوجيا الجزيئية انحدار كل الأنواع دي من نبتة واحدة وصلت الجزيرة من 5 ملايين سنة.

4- واحدة من التجارب المعملية في الانتواع هي تجربة الدكتورة ديان دودد من جامعة ييل، دايان فصلت بين مجموعتين من نفس النوع من ذبابة الفاكهة في مكانين منفصلين، غذت النوع الأول على أكل فيه جلوكوز أكتر (نوع من السكر)، وغذت المجموعة التانية على أكل فيه مالتوز أكتر (نوع اخر من السكر)، وفضل الوضع على كده لعدة أجيال، بعد كده فتحت للمجموعتين الطريق للإلتقاء تاني، وكانت النتائج كما هو متوقع، مالت كل مجموعة منهم للتزاوج من أفراد نفس المجموعة الصغيرة، بتوع الجلوكوز مالو أكتر للتزاوج معا وبتوع المالتوز هكذا.

ثانيا: انتواع تماثلي sympatric speciation
وده بيحصل من غير عزل جغرافي، جوة المجموعة، ممكن يكون بيحصل بسبب عزل سلوكي أو تزاوج غير عشوائي، يعني تزاوج انتقائي، كل فرد بيختار فرد معين للتزاوج معاه مش أي فرد وخلاص.. النوع ده نادر.. لأن بيحصل دايما انسياب جيني فالعملية تقف.
مثال على الموضوع ده هو عملية الانتواع اللي تسبب فيها قدوم التفاح إلى الولايات المتحدة، قبل الوقت ده كانت بعض أنواع الذبابات بتحط بيضها على فاكهة اسمها الزعرور البري Hawthworm (شبه التفاح) ، مع قدوم التفاح فضلت بعض الذبابات أنها تحط البيض على التفاح، مع تتابع الأجيال نشأ نوع من الانفضال وانقطع الانسياب الجيني بين النوعين، وبقى عندنا ذبابة التفاح وذبابة الزعرور البري، من دون أي عزل جغرافي، هذا الشكل من الانتواع تمت ملاحظته يحدث خلال الـ 200 سنة اللي فاتت.

مثال آخر هو تنوع أسماك البلطي الموجودة في بحيرة فيكتوريا رغم تواجدها في نفس البحيرة من دون عزل جغرافي.

أحد الأسباب المقترحة للانتواع الشديد ده هي التفضيلات اللونية، من المعروف أن انكسار الضوء في مياه البحيرات بيعطي المية لون مائل للأزرق بقرب السطح ومائل للأحمر بقرب القاع، السمكات اللي عاشت بقرب السطح طورت إمكانيات للتعايش في بيئة لونها أزرق، أهم هذه الإمكانات هو تطوير لون أزرق للتخفي من المفترسات، العكس حصل تحت، بقى عندنا في النهاية نوعين من السمك: أزرق وأحمر، كل نوع بتفضل إناثه ذكور من نفس لونها والعكس.

التنوع الكبير اللي حصل خلال كام ألف سنة في سمك البلطي، كان السبب في فتح باب واسع لدراسة النوع ده من السمك، في العدد الفائت من مجلة العلوم – الترجمة العربية لأميريكان ساينتفك – بينفرد مقال طويل للكلام في السمك البلطي.
فيه حالة نادرة للانتواع التماثلي، وهي لما فردين من نوعين مختلفين يتزاوجوا، سبب الندرة هو أن الأفراد من أنواع مختلفة مع تزاوجهم بتظهر أفراد عقيمة - زي ما قنا من شوية - لكن حصل تزواج بين النوعين أرابيدوپسس ثاليانا Arabidopsis thaliana وأرابيدوپسس أرينوز Arabidopsis arenosa وينتج نوع جديد هو: أرابيدوپسس سويسيكا Arabidopsis suecica الموضوع ده حصل قبل حوالي 20000 سنة والعلماء أعادوا العملية دي في المختبرات، مما أتاح لينا دراسة الآلية الوراثية للموضوع ده.

ثالثاً: انتواع خارجي peripatric speciation
زي الانتواع التبايني بس بيحصل لما تتعزل مجموعة صغيرة جغرافيا عن القطيع، الميزة في المجموعات الصغيرة هي أن التغير الجيني بيحصل بسهولة جدا فيها عن التجمعات الكبيرة وده هنشرح سببه بعدين.
رابعاً: انتواع محازي parapatric speciation
زي الانتواع الخارجي في كونه بيحصل لمجموعة صغيرة لكن هنا بيحصل عزل لسبب اخر غير حاجز جغرافي، ممكن بسبب تغيرات في البيئة مثلا و شكلها ، زي اللي بيحصل لنوع من العشب اسمه العشب الربيعي Anthoxanthum odoratum بسبب تلوث معدني عمله وجود المناجم ، من هنا بعض الافراد كونو مقاومة للنوع ده من التلث و باقي المجموعة كملت و في النهاية و بعد حدوث التطور ده حصل عزل تكاثري بين المجموعتين.

والخلاصة:

مثال حالي لحدوث الانتواع: هجرة طيور أبو قلنسوة Central European blackcap.
لحد 1960 كانت لطائر أبو قلنسوة بتاع وسط أوروبا رحلتين، يصيف في ألمانيا ويشتي تحت في أسبانيا، لكن بعد رواج ظاهرة "تغذية الطيور في فناء المنزل" عند الإنجليز في بريطانيا وسهولة حصول الطيور على الغذاء هناك انفصلت بعض المجموعات من أبو قلنسوة وراحت تشتّي في إنجلترا، مع مرور الوقت واختلاف فترات الرحلتين (إسبانيا أطول بكتير)، بدأت الأفراد من نفس الرحلة يتزاوجوا مع بعض أكتر حتى لو اتقابلو معاً في ألمانيا، سنة 2009 اتعملت دراسة نتج منها انو المجموعتين اختلفو عن بعض تشريحيا، المجموعة اللي سافرت لإنجلترا طورت جناحات دائرية أكتر و مناقير حادة وطويلة، ده حصل فقط في 30 جيل، وبدأ العزل الجنسي يحصل بالفعل تدريجيا.
تعريف كلمة "نوع" هو سر اللعبة في قبول فكرة "ظهور أنواع جديدة".

أنماط الانتواع
بكده قدرنا نتعرف على نظام الانتواع وإزاي بيشتغل، ومن هنا برضك عرفنا إزاي بتنشأ أنواع من أنواع أخرى، كل نوع يعطي نوعين، وكل نوع منهم يعطي اتنين.. وهكذا، وده بيبقى اسمه تفرع بسيط Simple Branching ، وده أعطانا فكرة عن شكل التطور، أنه مش سلم طالع لفوق، ولكنه شجرة، بتظهر ليها تفرعات مع الزمن.

هنا نبقى فهمنا سر الخطأ في المغالطة الأشهر في حق نظرية التطور واللي بتتكون من جزئين: "الإنسان أصله قرد"، "يا عم إذا كان الإنسان أصله قرد ، ليه القرود لسه عايشة لحد دلوقت؟".
في أحد فروع الشجرة اللي اتكلمنا عنها دي ظهر القرد والإنسان من نفس السلف المشترك ده Comon Descent أو Common ancestor، الفكرة دي - الأصل المشترك - ليها تاريخ قبل داروين، إيمانويل كانط سنة 1795 كان بيقول بكده.
الموضوع مش كائن بيسلم الراية لكائن آخر، التطور عبارة عن شجرة زي ما قلنا، طب لو رجعنا لورا ؟
هنلاقي كل مجموعة من الكائنات ليها سلف مشترك خرجت منه بالتطور، لو رجعنا لورا أكتر هنلاقي الأسلاف دي نفسها اتوجدت من أسلاف تانية أقل في العدد، وهكذا نرجع لورا لحد ما نوصل للأصل الواحد أو الخلية الأولى، طيب هل نظرية التطور على كده بتفسر نشأة الخلية الأولى؟
دي واحدة من أشهر المغالطات في حق نظرية التطور: نظرية التطور ملهاش دعوة بتفسير نشأة الخلية الأولى، ده علم منفصل بيتكلم في إمكانية حدوث الـ Abiogenesis التولد التلقائي، وبيبحث في كيفية نشأة الخلية دي وفيه تجارب كتير حصلت معروفة، الجزء ده من العلم لازال بيواجه مشاكل كتير جدا من بينها قصر الفترة الزمنية الكافية لتولد خلية حية.. ولازالت الفرضيات بتنزل ورا بعض والجميع بيشتغل، نظرية التطور ملهاش دعوة بالموضوع ده، في كتابه "أصل الأنواع" بيتكلم داروين عن "أصل الأنواع" مش "أصل الحياة"

المغالطة: الإنسان أصله قرد
الصواب: الإنسان والقرد ليهم سلف مشترك واحد طلعوا منه.
فيه نمط تاني للانتواع، مش عبارة عن تفرع كل نوع لنوعين، ولكن لمجموعة من الأنواع، وده بيعطيني ظهور سريع لمجموعة من الأنواع الجديدة، اسمه تشعب تكيفي Adaptive radiation وبيحصل لما مجموعة تكبر بشكل ضخم، وتظهر منافسة قوية بين أفرادها مع وجود تنوع جيني جواها وظهور صفات جديدة نسبياً، في نفس الوقت اللي بتظهر فيه مصادر بيئية للأكل والمية خارج المجموعة، ده بيخلي مجموعات صغيرة متعددة - قريبة من بعضها في الصفات - من نفس المجموعة تنعزل عن المجموعة وتتكيف مع الوضع الجديد، ومن هنا تظهر فكرة التشعب التكيفي.
مثال على لموضوع ده هو ظهور الجرابيات Marsupials في استراليا من سلف مشترك واحد.

كمان ظهور عصافير جالاباجوس Galapagos finches من سلف مشترك واحد، بحيث يتناسب كل نوع منها مع نظام الاكل المتاح ف الحتة اللي هو فيها.


وتيرة التطور Pace of evolution
فيه فرضيتين للكلام عن وتيرة التطور، واحدة بتقول إن التطور ده حصل بشكل متراكم وتدريجي بطيء ومستمر في جميع مراحله Gradual Evolution والنظرية التانية بتقول إن التطور حصل بشكل ثورات، يعني فترة من الزمن فيها استقرار في عدد الأنواع وأشكالها، وبعد كده فترة ظهرت فيها أنواع جديدة كتير مع بعض، التاني ده اسمه "الاتزان المتقطع Punctuated Equilibrium".

لازالت المعركة بين الاتزان المتقطع والتطور التدريجي لم تحسم بعد، الاتزان المتقطع بيجد بعض التأييد ليه من خلال التطور الجيولوجي للأرض، فيه أزمنة لقينا فيها ظهور لحفريات كتير وأزمنة استقرار، الرأي ده بيأكده التغير الجغرافي اللي حصل على كوكب الأرض، وكذلك اللتغيرات البيئية والمناخية، واللي حصل هو كمان على شكل ثورات في أزمنة قصيرة حصل بعدها استقرار، وده طبعاً مرتبط بعملية الSpeciation لأن فكرة العزل الجغرافي والتغيرات البيئية هي عنصر أساسي في حدوث الانتواع.
فيه 3 تصورات حالية عن وتيرة التطور، كلها مرتبطة بالطريقة الوحيدة الممكن لينا من خلالها دراسة تطور الكائنات عبر الزمن: السجل الأحفوري.
1- مع الوقت في السجل الأحفوري بنتقابل في حفريات بتوضح تطور الكائن على مدى زمني كبير بشكل منتظم:

وده واضح بشكل كبير في السجل الأحفوري، خاصة حالة تطور الحوت:

2- حدوث قفزات مفاجئة في السجل الأحفوري على مدى زمنى قصير:


وراثة الجماعات
ملحوظة: التطور على المستوى الكبير (الصفات و الكائنات) اسمه التطور الكبروي Macroevolution أما على المستوى الجيني الدقيق فبيبقى اسمه التطور الصغروي Microevolution.
خلونا هنا ناخد مقدمة قصيرة كده عن الوراثة علشان تساعدنا في الكلام اللي جاي، ونبدأ بشوية تعريفات سابقة:
- الوعاء الجيني Gene pool: المحتوى الجيني الكلي لتجمع ما Population ، كل صفة، كل أليل،
- الأليل Allele: هو نسخة أو بديل للجين أو الموقع الجيني وعلشان نفهم المعنى ده خلينا ناخد مثال، يعني مثلا عندنا "جين تحديد فصيلة الدم"، الجين ده له 3 ألائل:

يعني 3 احتمالات للصفة دي.طيب دلوقت كل إنسان المفروض أن عنده أليلين بس "واحد من الام والتاني من الأب" للصفة دي.. يبقى ده معناه أننا هنتعرض لتنوع في الصفات هنا، عندنا الاحتمالات التالية:

ده معناه أن عندنا 6 احتمالات لصفة نوع فصيلة الدم عند الإنسان.. لكن خلينا بقا نتعرف على نقطة مهمة.. زي ما فيه صفة سائدة Dominant و صفة متنحية Recessive - راجع التعريفات - فيه الائل سائدة ومتنحية .. وزي ما اتكلمنا عن الصفات هنقول أن الالائل السائدة بتغلب المتنحية.. وبما ان الـ "A" ،" B "سائدة بيغلبوا "O" المتنحية.

وبكده يبقا عندنا 4 فصائل معروفة للدم.
خلونا بقى نضرب مثال عشوائي للتوضيح، لنفترض أن عندنا صفة، أي صفة، لون العين مثلا، الصفة دي لها جين طبعاً، والجين ده له أليلين، يعني احتمالين مثلا، لون العين البني وده أليل سائد هنرمز ليه بـ W الكبيرة، و لون العين الأزرق وهو أليل متنحي هنرمز ليه بـ w الصغيرة .. و معانا أب لون عنيه بني و عنده Ww وأم لون عنيها بني وعندها Ww هيا كمان، و لأن الازرق متنحي فالاليل بتاعه رغم وجوده هيبقا مش ظاهر، ايه الاحتمالات عندنا؟
خلينا علشان نحط الاحتمالات ناخد أليل من واحد منهم ونوفقة مع الاتنين التانيين وهكذا.
WW بني.
Ww بني برضه، لأن فيه أليل سائد بني والتاني أزرق لكنه متنحي.
wW بني برضه.
ww أزرق.. لأن الأليلين المتنحيين اجتمعوا مع بعض ومفيش أليل سائد يغلبهم.
ده معناه أن ممكن أب بعنين بني وأم بعنين بني يخلّفوا أطفال عنيهم زرقا، لمجرد أن اليل اللون الأزرق المتنحي كان مدفون في جينات جدودهم مثلا، يبق ده بيعلمنا أن ممكن تبقى نفس الصفة الظاهرية Phenotype ليها أكتر من صفة جينية واحدة ممكن تعملها Genotype، وأهمية ده بتظهر مع التزاوج (راجع التعريفات).
وهكذا، في كل الصفات موضوع الألائل بيدخل، لو عندنا 2 أليل شبه بعض (مثال: AA اسمه زيجوت متماثل homozygous)، لو عندنا 2 أليل مش شبه بعض ( مثال AO : اسمه زيجوت متباين Heterozygote)
خلي بالك أن ده معناه أن الصفة من برة (الصفة الظاهرية ) تكون هيا هياها عند شخصين لكن على الجينات الألائل مختلفة.
ملحوظة: الزيجوت Zygote هوا الخلية الأولى المتكونة مثلا من اتحاد الحيوان المنوي مع البويضة في البشر.

التطور هو تغير في الكائن الحي، بيوجهه الانتخاب الطبيعي، التغير ده بيحصل بسبب التنوع بين الأفراد في الجماعة الواحدة، والصفات ديه موروثة، لكن فيه سؤال بيطرح نفسه هنا: طالما الأب والأم بيورثوا صفاتهم لأبنائهم، ليه الأبناء مش بيطلعوا نسخ من أهاليهم؟ ليه بيتحسب ده كمصدر للتغير؟ مش المفترض أن توريثهم ده معناه أن الصفة ثابتة؟
اتكلمنا قبل كده عن الانقسام الميوزي وقلنا إنه هو المسؤول عن عمل الخلايا التناسلية بحيث لما يتقابل الحيوان المنوي مع البويضة تقوم الكروموسومات الـ 23 بتوع الأب والـ23 بتوع الأم يتحدوا تاني ويعملوا 46 بتوعك

خلال الاتحاد - أو التأشيب الجيني Gene recombination
- بتمر الكروموسومات من الأب والأم عبر بعضهم، لما بتقرب الكروموسومات من
بعضها بحيث كل حتة من الكروموسوم بتاع الأب بتتقابل مع كروموسوم الأم في
نفس الحتة اللي فيها نفس الجين بتاع نفس الصفة، بيبدأ عبور الألائل بشكل
عشوائي من جينات الأب وجينات الأم بحيث يصنعوا جينات الأبناء، ولينا كام
ملاحظة هنا:
- عدد الجينات زي ما قلنا ضخم للغاية، الجينوم البشري
فيه بتاع 30000 جين، الكم ده من الاحتمالات معناه أن حدوث العبور في أثناء
إعادة التركيب بالتأكيد في كل مرة هيطلّع أولاد بصفات مختلفة عن الأب
والأم وعن بعضهم، وده السبب في أنك مش شبه أخوك الصغير ولا الكبير ولا أبوك
ولا أمك ولا أي حد، احتمالات تشابهكم تكاد تكون معدومة، لأن عدد الجينات
اللي بتتكون من الصفات الجديدة من الأب والأم كبيرة جدا.
- في أثناء النقل ممكن تنتقل بعض الجينات لوحدها أو مجموعات، بعض الصفات بتبقى مرتبطة ببعضها،
- العملية دي ملهاش دعوة بالطفرات، التنوع هنا سببه ضخامة عدد الاحتمالات بسبب ضخامة عدد الجينات اللي بتتقابل مع بعض من الأب والأم.
- كروموسوم واحد مش بيحصل فيه العمليتين دول، الحالة اللي بيتقابل فيها الكروموسوم X من الأم مع الـ Y من الأب، والسبب في كدة أنهم مش في نفس الشكل- الـ Y قزم شوية - بحيث يحصل إعادة تركيب.
- في أثناء العبور أو في أثناء كسر ارتباطها أثناء الانقسام الميوزي ممكن تحصل مشكلات أو تأثرات ما بين الكروموسومات وده أحد أسباب التنوع بين الكائنات.
نيجي بقى للوراثة في الجماعاتPopulation Genetics،
بتختلف عن الفكر القديم في نقطة واحدة مهمة للغاية، أنها بتقول إن ظهور
الأنواع الجديدة سببه التغير في الجماعات مش الأفراد، التغير بيحصل على
مستوى المحتوى الجيني للجماعة ككل، ومن هنا ومع الانعزال التناسلي
والانتخاب الطبيعي بيحصل تغير في المحتوى الجيني ككل.
لما بنيجي ندرس جماعة مش بندرسها كمجموعة من الأفراد، لأ، بنشيل الأفراد ونتكلم عن الألائل Allele بمعنى أننا لما نيجي نتكلم عن جماعة متكونة من:
20 أرنب: 16 منهم لون الفرو بتاعهم بنّي و 4 أبيض.
مش هنتكلم عن الصفة دي أو الأرنب ده ولكن هنتكلم عن الأليل السائد بتاع الصفة البني مثلا وليكن B والمتنحي بتاع الأبيض، وليكن b ونحسب حاجة اسمها تردد الألائل أو تواتر الالائل Allele Frequency و تردد الألائل: نسبة كل أليل إلى عدد الألائل في المجموعة ككل بالنسبة للجين أو الصفة دي.
- في أثناء النقل ممكن تنتقل بعض الجينات لوحدها أو مجموعات، بعض الصفات بتبقى مرتبطة ببعضها،
- العملية دي ملهاش دعوة بالطفرات، التنوع هنا سببه ضخامة عدد الاحتمالات بسبب ضخامة عدد الجينات اللي بتتقابل مع بعض من الأب والأم.
- كروموسوم واحد مش بيحصل فيه العمليتين دول، الحالة اللي بيتقابل فيها الكروموسوم X من الأم مع الـ Y من الأب، والسبب في كدة أنهم مش في نفس الشكل- الـ Y قزم شوية - بحيث يحصل إعادة تركيب.
- في أثناء العبور أو في أثناء كسر ارتباطها أثناء الانقسام الميوزي ممكن تحصل مشكلات أو تأثرات ما بين الكروموسومات وده أحد أسباب التنوع بين الكائنات.

لما بنيجي ندرس جماعة مش بندرسها كمجموعة من الأفراد، لأ، بنشيل الأفراد ونتكلم عن الألائل Allele بمعنى أننا لما نيجي نتكلم عن جماعة متكونة من:
20 أرنب: 16 منهم لون الفرو بتاعهم بنّي و 4 أبيض.
مش هنتكلم عن الصفة دي أو الأرنب ده ولكن هنتكلم عن الأليل السائد بتاع الصفة البني مثلا وليكن B والمتنحي بتاع الأبيض، وليكن b ونحسب حاجة اسمها تردد الألائل أو تواتر الالائل Allele Frequency و تردد الألائل: نسبة كل أليل إلى عدد الألائل في المجموعة ككل بالنسبة للجين أو الصفة دي.

يعني لو عندنا المجموعة زي ما قولنا فيها 20 أرنب، فهنفترض أن فيه جين واحد مسؤول عن لون الفروة، وليه طبعاً أليلين، يبقا عندنا 40 أليل. لاحظ أن الأرنب الأبيض بالتأكيد هيكون bb أما الأرنب البني فهيبقا Bb أو BB.
خلينا نفترض أن عندنا في المجموعة 40 أليل زي ما قلنا 15 b و25 B نحسب تردد الأليل بتاع الصفة البيضاء إزاي؟
وده معناه أن تردد الأليل البني المتنحي هوا 37.5% .


خلينا نفترض أن الأليل السائد دايما رمزه p والمتنحي رمزه q. يبقا ده معناه أن في أي جماعة هيبقا P+q=1،
لكن إحنا دلوقت بنتكلم على أليل مفرد، لكن الأرنب مفيهوش أليل واحد ، فيه 2
لنفس الصفة الجينية، لو عاوزين نعرف تردد الصفة الجينيية نفسها خلينا
نربع المعادلة بتاعتنا اللي فاتت، هنا تطلعلنا معادلة هاردي واينبرج.
الخلاصة:
1- تردد الصفة الجينية السائدة المتماثلة PP بيتعبر عنها بالـ P2
2-تردد الصفة الجينية المتنحية المتماثلة qq بيتعبر عنها بالـq2
3- تردد الصفة الجينية المتباينة Pq بيتعبر عنها بالـ 2Pq واللي بتعطي صفة ظاهرية زي السائدة برضك، ومجموعهم هو حالة الجماعات ككل، المعادلتان دول بيعطونا القدرة على دراسة كل صفة على حدة في الجماعة الواحدة، ومن هنا نقدر ندرس تردد الأليل أو الصفة الجينية وانتقالها من جين لجين وحدوث الانحراف الجيني.
ملحوظة: خللي بالك أن P أو q لوحدها ده تردد الأليل بس إما P2 أو q2 أو 2Pq هيا ترددات الصفة الظاهرية Genotype المتكونة من 2 أليل.
تصور هاردي-واينبرج Hardy – Weinberg عن ميول الجماعات للتوازن:
أي جماعة، عندها ميل لأنها تبقى مستقرة جينيا، متوازنة، وميبقاش فيها أي انحرافات أو تنوعات أو تغيرات تورثها لولادها، يعني الوعاء الجيني مش هيتغير، يعني اتزان وراثي Genetic Equilibrium، يعني مفيش تطور على المستوى الجيني Micro، يعني مفيش تطور على المستوى الكبير Macro، يعني مفيش تطور!!.. لكن ده مش بيحصل غير تحت ظروف أو شروط معينة.
بيفترض كل من هاردي و واينبرج 5 شروط لحدوث الاتزان الوراثي ده :
1- أن يكون حجم الجماعة كبير.
2- أن يكون التزاوج بين أفراد الجماعة عشوائي( يعني ميحصلش انتخاب تناسلي Sexual Selection).
3- ألا تكون الصفة الوراثية خاضعة للانتخاب الطبيعي (يعني كل الصفات تبقى متناسبة وزي بعض بحيث البيئة متختارش واحدة على حساب أخرى).
4- ألا تحدث طفرات.
5- ألا يهاجر من الجماعة أو إليها أفراد (يعني ميحصلش gene flow).
طيب ليه الإخلال في الشروط دي ممكن يسبب خلل في التوازن الجيني من جيل لجيل؟
لأن الإخلال بيها هيسبب إخلال بالمعادلات بتاعتنا اللي حكيناها من شوية وده هيؤدي لإخلال باتزان الصفات
أمثلة:
- خلينا نرجع للمثال بتاعنا اللي فيه 15 أليل b متنحي و45 أليل B سائد .. لنفترض أنه حصلت طفرة غيرت من شكل أليل منهم، أو مثلا 3 أرانب من الأرانب العشرين هاجر من الجماعة أو 5 أرانب جداد دخلوا للجماعة.. كل الافتراضات دي هتغير بشكل مباشر من تردد الأليل، وبالتالي هتغير من تردد الصفة الجينية، وبالتالي كل نتايج المعادلة هتتغير، وبالتالي ينضرب الاتزان الوراثي.
- لنفترض مثلا أن الأرض اللي عايشين فيها الأرانب العشرين أعشابها بنية، يبقى ده معناه أن النسور أو الصقور مثلا هتشوف الأرنب الأبيض بسهولة على عكس البني اللي هيستخبى، يبقى ده معناه أن نسبة الأليل المتنحي الأبيض b هتقل في المجموعة، يبقى ترددها هيختلف، يبقى المعادلة كلها هتتهز.
- لنفترض أن الأرنبة البني شايفة أن الأرنب البني واد كيوت ولذيذ وهيدلعها، هتختاره دايما للتزاوج، ده هيزود عدد الأليل السائد B في المجموعة، يبقى في النهاية هتزيد تردداته عبر الأجيال وتقل ترددات الأبيض، يبقى هيحصل عدم اتزان وراثي.
- طيب، لنفترض أن مجموعة مكونة من 20 أرنب هرب منها 5 أرانب.. يعني 10 أليل من الأربعين أليل، يبقى ده معناه أن هيحصل تغير قوي في الاتزان الوراثي لأن "ربع" الجماعة حصلت فيه مشكلة، طب لو الجماعة كانت 1000 أرنب وهرب منها 5 بس زي اللي قبلها، ده معناه أن هروب الـ5 دول مش هيبقى مؤثر جدا زي ما كان في الجماعة الصغيرة اللي قبلها، لأنهم بأليلاتهم حيالله 5/1000 من الجماعة يعني .005 يعني التغير اللي هيجصل هيبقا طفيف.. وكل ما الجماعة تكبر بتبقا التغيرات طفيفة أكتر.. أما لو جماعة صغيرة فأي تغير بسيط بيضرب الاتزان الوراثي فورا.
طيب هل الشروط ديه بتحصل؟ هل ممكن- حتى لو في المعمل- التحكم في التجربة بحيث تفضل الشروط ديه ثابته؟
الإجابة: مستحيل، دايماً هيحصل تغير، ديما هيحصل خرق لأحد الشروط دي، دايما هيبقى فيه تغير، التغير ده بنسميه الانحراف الوراثي.
ومن هنا لازم نعرف يعني إيه انحراف وراثيGenetic Drift ؟
هو التغير في تواتر أو تردد الأليل Allele Frequency في التجمعات الحيوية، وسببه هوا الكسر- الطبيعي - اللي بيحصل في الخمس شروط اللي فوق دول.
وهنا خلينا نضرب مثالا رياضيا بسيطا علشان نفهم إزاي ده بيحصل:
عندنا كرتونتين، واحدة فاضية تماماً وواحدة فيها 20 كورة، 10 منهم أحمر لونهم و10 أبيض، حضرتك هتمد إيدك بشكل عشوائي في الكرتونة المليانة وتطلع كورة، أي كورة، لو الكورة بيضا هتجيب أنت كورة بيضة من جيبك وتحطها في الكرتونة التانية الفاضية جنبها وترجّع دي مكانها، لو حمرا هتطلع من جيبك كورة حمرا وتحطها في الكرتونة اللي جنبها وبرضك ترجع الكورة اللي طلعتها مكانها، بعد ما تعمل الكلام ده 20 مرة هيبقى عندنا كرتونتين في كل واحدة منهم 20 كورة.. هل تعتقد أن الكرتونة الجديدة هيبقى فيها برضك 10 بيضا و10 سودة؟ هل فيه احتمال كبير لكده؟
طبعاً من شبه المستحيل أن ده يحصل، في الكرتونة الجديدة هيبقى عدد الكور الجديدة ثابت، لكن غالباً الألوان هتبقى أكبر في العدد أو أصغر من بعض في الكرتونة الأخرى:
15 و5 مثلا، 12 و8، 20 كورة لون واحد، 18 و2 مثلا.. لكن احتمال ضعيف جدا هو أنك تجيب 10 و10 زي الكرتونة الأصلية.. ولو جبته في مرة منهم فمع تكرار التجربة مش هتفضل تجيبه كل مرة.
الكرتونة الأولى هي الجيل الأول في المجموعة بتاعتنا، والأبيض والأحمر هما تنوع صفة ما، أي صفة، والكرتونة التانية هيا النسل الجديد من المجموعة دي بعد التزاوج، عملية نقل الصفات حسب قوانين الوراثة اللي حكينا عنها بتتم بعشوائية بالشكل اللي يخلي احتمالات التغير في المحتوى الجيني قائمة فعلا، واحدة بواحدة ومع ظهور أجيال متتالية هنلاقي أن المحتوى الجيني لأي مجموعة مش ثابت ولكن بيتغير مع الوقت، من هنا بيتدخل الانتخاب الطبيعي لتنحية أي صفات غير مرغوبة وتثبيت الجيد والأفضل للتكيف مع الوضع الحالي، من هنا بيتداخل كل من الانتخاب الطبيعي والانحراف الوراثي معاً لصنع تغيير حقيقي في الصفات.
الموضوع ده عموما اسمه Sampling error يعني خطأ الاستعيان، عدم الدقة الناتج عن أخذ عينة محددة من مجموعة كبيرة في كل تكرار للعملية:
يبقى ده معناه أن محتوى الكرتونة (الجماعة) من الألائل المختلفة (الكور
البيضة والحمرة) بينحرف بشكل تدريجي مع تدخل الانتخاب الطبيعي فيما يعني
أن: اللعب في شروط هاردي واينبرج يؤدي للخلل في اتزان معادلة هاردي واينبرج اللي بيؤدي لحدوث انحراف جيني.. يعني تطور.


2-تردد الصفة الجينية المتنحية المتماثلة qq بيتعبر عنها بالـq2
3- تردد الصفة الجينية المتباينة Pq بيتعبر عنها بالـ 2Pq واللي بتعطي صفة ظاهرية زي السائدة برضك، ومجموعهم هو حالة الجماعات ككل، المعادلتان دول بيعطونا القدرة على دراسة كل صفة على حدة في الجماعة الواحدة، ومن هنا نقدر ندرس تردد الأليل أو الصفة الجينية وانتقالها من جين لجين وحدوث الانحراف الجيني.

تصور هاردي-واينبرج Hardy – Weinberg عن ميول الجماعات للتوازن:
أي جماعة، عندها ميل لأنها تبقى مستقرة جينيا، متوازنة، وميبقاش فيها أي انحرافات أو تنوعات أو تغيرات تورثها لولادها، يعني الوعاء الجيني مش هيتغير، يعني اتزان وراثي Genetic Equilibrium، يعني مفيش تطور على المستوى الجيني Micro، يعني مفيش تطور على المستوى الكبير Macro، يعني مفيش تطور!!.. لكن ده مش بيحصل غير تحت ظروف أو شروط معينة.
بيفترض كل من هاردي و واينبرج 5 شروط لحدوث الاتزان الوراثي ده :
1- أن يكون حجم الجماعة كبير.
2- أن يكون التزاوج بين أفراد الجماعة عشوائي( يعني ميحصلش انتخاب تناسلي Sexual Selection).
3- ألا تكون الصفة الوراثية خاضعة للانتخاب الطبيعي (يعني كل الصفات تبقى متناسبة وزي بعض بحيث البيئة متختارش واحدة على حساب أخرى).
4- ألا تحدث طفرات.
5- ألا يهاجر من الجماعة أو إليها أفراد (يعني ميحصلش gene flow).
طيب ليه الإخلال في الشروط دي ممكن يسبب خلل في التوازن الجيني من جيل لجيل؟
لأن الإخلال بيها هيسبب إخلال بالمعادلات بتاعتنا اللي حكيناها من شوية وده هيؤدي لإخلال باتزان الصفات
أمثلة:
- خلينا نرجع للمثال بتاعنا اللي فيه 15 أليل b متنحي و45 أليل B سائد .. لنفترض أنه حصلت طفرة غيرت من شكل أليل منهم، أو مثلا 3 أرانب من الأرانب العشرين هاجر من الجماعة أو 5 أرانب جداد دخلوا للجماعة.. كل الافتراضات دي هتغير بشكل مباشر من تردد الأليل، وبالتالي هتغير من تردد الصفة الجينية، وبالتالي كل نتايج المعادلة هتتغير، وبالتالي ينضرب الاتزان الوراثي.
- لنفترض مثلا أن الأرض اللي عايشين فيها الأرانب العشرين أعشابها بنية، يبقى ده معناه أن النسور أو الصقور مثلا هتشوف الأرنب الأبيض بسهولة على عكس البني اللي هيستخبى، يبقى ده معناه أن نسبة الأليل المتنحي الأبيض b هتقل في المجموعة، يبقى ترددها هيختلف، يبقى المعادلة كلها هتتهز.
- لنفترض أن الأرنبة البني شايفة أن الأرنب البني واد كيوت ولذيذ وهيدلعها، هتختاره دايما للتزاوج، ده هيزود عدد الأليل السائد B في المجموعة، يبقى في النهاية هتزيد تردداته عبر الأجيال وتقل ترددات الأبيض، يبقى هيحصل عدم اتزان وراثي.
- طيب، لنفترض أن مجموعة مكونة من 20 أرنب هرب منها 5 أرانب.. يعني 10 أليل من الأربعين أليل، يبقى ده معناه أن هيحصل تغير قوي في الاتزان الوراثي لأن "ربع" الجماعة حصلت فيه مشكلة، طب لو الجماعة كانت 1000 أرنب وهرب منها 5 بس زي اللي قبلها، ده معناه أن هروب الـ5 دول مش هيبقى مؤثر جدا زي ما كان في الجماعة الصغيرة اللي قبلها، لأنهم بأليلاتهم حيالله 5/1000 من الجماعة يعني .005 يعني التغير اللي هيجصل هيبقا طفيف.. وكل ما الجماعة تكبر بتبقا التغيرات طفيفة أكتر.. أما لو جماعة صغيرة فأي تغير بسيط بيضرب الاتزان الوراثي فورا.
طيب هل الشروط ديه بتحصل؟ هل ممكن- حتى لو في المعمل- التحكم في التجربة بحيث تفضل الشروط ديه ثابته؟
الإجابة: مستحيل، دايماً هيحصل تغير، ديما هيحصل خرق لأحد الشروط دي، دايما هيبقى فيه تغير، التغير ده بنسميه الانحراف الوراثي.
ومن هنا لازم نعرف يعني إيه انحراف وراثيGenetic Drift ؟
هو التغير في تواتر أو تردد الأليل Allele Frequency في التجمعات الحيوية، وسببه هوا الكسر- الطبيعي - اللي بيحصل في الخمس شروط اللي فوق دول.
وهنا خلينا نضرب مثالا رياضيا بسيطا علشان نفهم إزاي ده بيحصل:
عندنا كرتونتين، واحدة فاضية تماماً وواحدة فيها 20 كورة، 10 منهم أحمر لونهم و10 أبيض، حضرتك هتمد إيدك بشكل عشوائي في الكرتونة المليانة وتطلع كورة، أي كورة، لو الكورة بيضا هتجيب أنت كورة بيضة من جيبك وتحطها في الكرتونة التانية الفاضية جنبها وترجّع دي مكانها، لو حمرا هتطلع من جيبك كورة حمرا وتحطها في الكرتونة اللي جنبها وبرضك ترجع الكورة اللي طلعتها مكانها، بعد ما تعمل الكلام ده 20 مرة هيبقى عندنا كرتونتين في كل واحدة منهم 20 كورة.. هل تعتقد أن الكرتونة الجديدة هيبقى فيها برضك 10 بيضا و10 سودة؟ هل فيه احتمال كبير لكده؟
طبعاً من شبه المستحيل أن ده يحصل، في الكرتونة الجديدة هيبقى عدد الكور الجديدة ثابت، لكن غالباً الألوان هتبقى أكبر في العدد أو أصغر من بعض في الكرتونة الأخرى:
15 و5 مثلا، 12 و8، 20 كورة لون واحد، 18 و2 مثلا.. لكن احتمال ضعيف جدا هو أنك تجيب 10 و10 زي الكرتونة الأصلية.. ولو جبته في مرة منهم فمع تكرار التجربة مش هتفضل تجيبه كل مرة.
الكرتونة الأولى هي الجيل الأول في المجموعة بتاعتنا، والأبيض والأحمر هما تنوع صفة ما، أي صفة، والكرتونة التانية هيا النسل الجديد من المجموعة دي بعد التزاوج، عملية نقل الصفات حسب قوانين الوراثة اللي حكينا عنها بتتم بعشوائية بالشكل اللي يخلي احتمالات التغير في المحتوى الجيني قائمة فعلا، واحدة بواحدة ومع ظهور أجيال متتالية هنلاقي أن المحتوى الجيني لأي مجموعة مش ثابت ولكن بيتغير مع الوقت، من هنا بيتدخل الانتخاب الطبيعي لتنحية أي صفات غير مرغوبة وتثبيت الجيد والأفضل للتكيف مع الوضع الحالي، من هنا بيتداخل كل من الانتخاب الطبيعي والانحراف الوراثي معاً لصنع تغيير حقيقي في الصفات.
الموضوع ده عموما اسمه Sampling error يعني خطأ الاستعيان، عدم الدقة الناتج عن أخذ عينة محددة من مجموعة كبيرة في كل تكرار للعملية:

قسم إضافي بالفصحى:
التطور النمائي: من الدجاجة إلى الديناصور
من الشائع القول أن هناك درجة من التشابه بين الحمض النووي في البشر و الشيمبانزي تصل إلى 98%، بينما لا يبتعد أكثر البشر اختلافا بين بعضهم البعض عن النصف في المائة فقط ، عادة ما يستخدم ذلك النوع من القرب في تشابه المحتوى الجيني كدليل على صحة البيولوجيا التطورية. لكن، ألم يلتفت أحد ليسأل: لماذا تصل درجة تشابه الإنسان مع الفأر إلى 85% و مع ذبابة الفاكهة إلى 60% ؟ أن يتشابه هذا البشري المنتصب الجسد، ضخم الحجم ، بكل تعقيداته و تفاصيله الكثيرة و الممتدة، مع تلك الذبابة صغيرة الحجم لتلك الدرجة ؟ ألم يكن مقبولا أكثر أن تكون النسبة 10 – أو قل بحد أقصى 20 - % ؟
لكي نجيب عن هذا السؤال الهام
دعنا نبدأ بالنمو Development، لطالما اقتنع البيولوجيين التطوريين أن
السر يكمن هناك، فرغم تنوعنا إلا أن أجنتنا جميعا، بشرا و أسماكا و دجاجا ...
تتشابه إلى حد كبير. نعرف أنه، في أثناء تطور الجنين من بويضة
مخصبة – Zygote- لكائن مكتمل تبدأ الصفات الجينية Genotype، تلك الصفات
المحملة على تتابع الجينات في الحمض النووي، بترجمة ذاتها إلى صفات ظاهرية Phenotype، تلك التي
ترثها عن أبيك و أمك، لون العينين، شكل اليد، الشعر، تساع العين .. الخ، كل شيء.
تهتم أبحاث البيولوجيا النمائية
بدراسة Developmental
Biology بتلك
المرحلة الثورية من نمونا، فالعملية المدهشة التي تشمل تميز تلك النطفة الصغيرة
لعدد محدد من الأعضاء بتفاصيل متباينة تماما في فترة قصيرة تحتل قيمة جوهرية في
البيولوجيا، حيث لازال السؤال الكبير مطروحًا: كيف يعرف الجين أننا نحتاج لوضع "أذن"
هنا و "عين" هناك و "أصابع قدم" في الجهة الأخرى ؟ من يعطيه
الأمر ؟
الجينات التنظيمية النمائية
لنفهم ما يعنيه ذلك المصطلح
المعقد دعنا نبدأ بمجموعة تجارب شهيرة قام بها إدوارد لويس البروفيسير بكالتك على
مدى 30 عاما و الحاصل على نوبل في الطب سنة 1995 عن أعماله تلك على ذبابة الفاكهة. ما اكتشفه لويس، عاشق ذبابات
الفاكهة و الفلوت منذ مراهقته، كان في الحقيقة شيئا غاية في الغرابة. فقد تمكن في
أحد تجاربه من عزل طفرات في الجينات المسؤولة عن تنظيم خطة بناء جسم ذبابة
الفاكهة، فبدلا من أن يحتوي جسم الذبابة على جناحين، ظهرت لأحدها أربعة أجنحة، أي
أننا قمنا "بتكرار" فص كامل3 من فصوص جسم الذبابة، أكتشف لويس أن ذلك حدث عبر تعديل
في مجموعة من الجينات التنظيمية الإنمائية الذي سميت فيما بعد "الجينات
الناحتة/المتماثلة Homeotic genes" و اشتهرت بإسم HOX، ما الذي
تفعله تلك الجينات ؟
يكتب تحت الصورة: ذبابات بأربعة أجنحة بعد إضافة فص جسمي كامل لها، على
اليسار ذبابة طبيعية
تحت الصورة: ذبابة إد لويس الشهيرة رباعية الجناح على غلاف مجلة Science
الشهيرة عدد يوليو
1983
1983
حينما نتحدث عن الجينات، فالمعتاد هو أن نتصور أنها تتابع محدد لوحدات الحمض النووي المسؤولة عن تكوين بروتين ما لصفة محددة في جسم الكائن، كلون العينين و الشعر و شكل الأنف و طول الرقبة مثلا، أما الجينات التنظيمية النمائية4 Developmental Regulatory Genes فهي غير مسؤولة عن تلك الصفات و لكنها تلعب دور واضع الخطّة العامة المسؤول عن عملية نمو جسم الجنين إلى أن يكون كائن مكتمل، يشبه الأمر أن يكون لدينا فيلم مكون من 250 مشهد، تلعب الجينات التنظيمية دور المخرج الذي يقول: "ضع هذا المشهد هنا ، و هذا هناك، ليكن مشهد السيارة في الدقيقة الـ 50 "، تقوم تلك الجينات بتفعيل أو تثبيط الجينات الأكثر تخصصا في المستويات الأدنى في أماكن محدده و مواعيد محدده، كأن تخبر جين تكوين الأنف عن مكان و موعد البدء في إنشاء أنف في الجنين، بعدد محدد، 1 أنف مثلا.
تحت الصورة: تتلخص وظيفة الجينات التنظيمية في إعطاء الأوامر لصنع فصوص
الجسم الرئيسية
جينات HOX هي أحد
أنواع الجينات التنظيمية النمائية، تتحكم بخريطة
جسم الجنين على طول محوره من الأمام
للخلف، من الرأس للذيل. بعد تكون الفصوص الجنينية الأولية، تحددُ تلك الجينات نوع
أبنية الفصوص، مثلا: أقدام و قرون استشعار و أجنحة في ذبابة الفاكهة و في البشر
أنواع الفقرات المختلفة و في الأسماك رأس بخياشيم و جسد بزعانف و ذيل. جينات النحت
إذن تحدد هوية الفص، لكنها لا تكوّن بنفسها تلك الفصوص.
في الرسم التوضيحي التالي مقارنة بين بعض
الأنواع من الكائنات من حيث الجينات الناحتة HOX، تتواجد نفس
الجينات في أنواع مختلفة لكنها مسؤولة فقط عن التحكم في خريطة محور الجسم، فهي
تقول "ضع رأسا هنا و ذيلا هناك"، فيتم تنفيذ الأمر في الأسماك بطريقة و
في الفأر بطريقة أخرى، لكنه نفس الأمر من نفس الجين.
بعد تحقيق فهم كامل لتلك الطفرات
و عزل الجين التنظيمي المسؤول أصبح ممكنا لنا استخدام إشارات كيميائية لاستعادتها
من جديد، أحد أشهر التجارب في تلك النقطة كانت الحصول على ذبابات فاكهة بأقدام
موضع قرون استشعارها، سميت تلك الحالة Antennapedia، و أطلقنا
على ذلك النوع من التحولات: التحولات المتماثلة Homeotic transformations، نجد تلك التحولات في العيوب الخلقية في البشر ، أشهر تلك العيوب
هو تعدد الأصابع Polydactyly و هو ظهور أكثر من 5 أصابع
في يد أو قدم البشر والكلاب والقطط، عبر طفرات في مجموعة الجينات التنظيمية HOXd
تحت الصورة: إلى اليمين:ذبابة فاكهة بقرون استشعار طبيعية. إلى اليسار: ذبابة فاكهة بأقدام موضع قرون الإستشعار
لنفهم أكثر دعنا نعود للتجارب، سنة
1995 نجح فريق سويسري بقيادة والتر جيرهنج بجامعة بازيل في التعرف على الجين
التنظيمي المسؤول عن ظهور العين5، الجين الذي
يقول :"ضع عين هنا، و أخرى هناك"، نجح الفريق ليس فقط في الحصول على
ذبابات فاكهة بعيون في أقدامها بعد تفعيل هذا الجين في موضع كان من المفترض أن
يكون مثبطا فيه، موضع الأقدام، لكنهم أقدموا على نقل الجين التنظيمي المسؤول عن
إظهار العين من الفأر إلى ذبابة الفاكهة، ثم تفعيلة في ذبابة الفاكهة و انتظار
النتائج، هل خرجت ذبابة الفاكهة الجديدة بعيون فأر ؟
لا، خرجت بعيون ذبابات فاكهة،
يوضح لنا ذلك الفكرة الرئيسية و المدهشة للجينات التنظيمية النمائية، فهي لا تأمر
بصنع عين فأر، و هي ليست حصرية للفئران أساسا، حيث لا علاقة لها بتصميم العين، إنما
وظيفتها فقط هي أمر أكثر عمومية بصنع "عين" فقط، ثم تقوم الجينات الأكثر
تخصصا بصنع "العين" التي تعرف كيف تصنعها، عين ذبابة الفاكهة. لا تنقسم
الجينات هنا لآمر و منفذ فقط، بل تتدرج إلى مستويات من الجينات كلما ازداد تعقد
الكائن الحي، كأن يأمر جين تنظيمي بتصميم "عين" هناك، ثم في مستوى أقل
يقوم جين تنظيمي آخر بتصميم "عين بشرية " ثم يقوم جين أخير بإضافة اللون
الأزرق مع باقي الصفات.. الخ.
تحت الصورة: نموذج للتبسيط فقط، يعبر عن نمط اتخاذ القرارات بين مستويات
الجينات التنظيمية في نفس الكائن
لقد ورثت معظم الكائنات الموجودة
الآن على الأرض كالإنسان، الذباب، الفئران، الأسماك ... الخ، نفس نوع الجينات
المتماثلة من أسلافها. حافظت تلك الكائنات، رغم اختلافها الظاهر، على عدة الأدوات
الوراثية الرئيسية genetic toolkit صاحبة الصيغة أو الخطة العامة
على مدى زمني يصل إلى 600 مليون سنة. من وجهة النظر تلك، يظهر كل التنوع في
المحتوى البيولوجي على هذا الكوكب كتكرار لنفس النوع من الأوامر بنفس النوع من
الوحدات لكن بصور متعدده، دعنا الآن نحصل على ديناصور من دجاجة !
من الأسنان للمناقير
كانت أحد المشكلات التي واجهت
البيولوجيين هي فهم تحول الأسنان الحادة للديناصورات إلى مناقير في أحفادها من
الطيور، فعملية التحول تلك تتطلب عددا مهولا من الطفرات على مدى زمني قصير جدا
بالنسبة لما تحتاجه من وقت، لكن أحد أقوى حلول تلك المشكلة ظهر في 2006 حينما لاحظ
ماثيو هاريس البيولوجي بأحد معامل جامعة ويسكونسن مع مشرفه جون فالون أن منقار6 أحد أجنة الدجاج التي يعمل عليها لم يعد موجودا، ثم عبر
ملاحظة دقيقة اكتشف ما حدث، فلقد أظهرت الدجاجة أسنانا قاطعة مخروطية صغيرة موضع
المنقار، أسنان تماسيح.
محاولة إظهار أسنان في أجنة
الدجاج سابقة لتلك التجربة، حيث حاول الكثير من الباحثين نقل الجينات التنظيمية
المسؤولة عن اظهار الأسنان من الفأر إلى جنين الدجاجة و نجحت عدة تجارب، لكن تلك
كانت المرة الأولى التي تتمكن فيها دجاجة من استحضار – تفعيل – نفس الجين الذي كان
مُفعلا من قبل عند أسلافها من الديناصورات، لقد تمكن العلماء من فهم آلية عمل تلك
الطفرة و أعيدت التجربة مرات أخرى لتخليق دجاجة بأسنان، تجارب أخرى نجحت مع ثعابين
ظهرت بأقدام و أسماك كهف عمياء ولدت بعينين.
في تلك النقطة، و مؤخرا، دخلت
تقنيات التحرير الجيني7 CRISPR-Cas9 للعبة كي تساعدنا في فهم آليات التكيف التطوري للكائنات
الحية، حيث نجح الباحثون في تعديل أقدام أجنة الدجاج،
وأطرافها، ووجوهها، عبر تقنيات CRISPR-Cas9
لكي تصبح أكثر شبها بأسلافها من الديناصورات، تلك التي التي كانت
موجودة منذ ما يقرب من 150 مليون سنة،
وذلك عن طريق العمل على فهم تطفُّر الجينات التنظيمية المسؤولة عن تشكل أجسام تلك الكائنات. نعم، لقد أعدنا
الديناصور من جديد، ليس عبر استنساخه في المعمل، لكن عبر ارجاع الدجاجة لأصلها،
لديناصورها الذي تطورت عنه، ياللعجب !
هنا يظهر الدور الهام الذي يلعبه التطور النمائي Evolutionary
Development، المشهور في أوساط العلم الشعبي بلقب الـ EVO-DEVO، فهو
يساعدنا على تحقيق فهم أفضل للأحداث الجزيئية المسؤولة عن الكثير من التحولات
المذهلة في السجل الأحفوري، كظهور فصوص كاملة في جسم الحشرات أو تحول الجلوبين إلى
ميوجلوبين و هيموجلوبين عبر عملية تكرار Duplication، أو شرح أسباب سرعة تطور أجزاء محددة في
الجسم مقارنة بباقي الأجزاء Allometry كحالة نمو أطراف الخفاش، يحقق لنا التطور
النمائي عبر الأبحاث المقارنة للجيات التنظيمية فهم أفضل للتاريخ التطوري ذاته و
القيود البيولوجية التي فُرضت على مجراه.
تحت الصورة: شكل توضيحي لكيفية تطور حشرة بعد مضاعفة أحد فصوص جسمها
فئران بأقدام طويلة كالتي في
الخفافيش، ذبابات فاكهة بعدد فصوص جسمية أكبر و أرجل موضع قرون الاستشعار و عيون
موضع الأقدام، قشريات بلا مخالب، فراشات بقدرات مختلفة على تمييز الألوان. نعم،
انه نوع من العبث الذي يثير الإنتباه و يدفعنا للتساؤل الجاد عن مدى أخلاقية تلك
التجارب و مستقبلها، خاصة و نحن نعرف أنه، رغم ذلك التقدم المذهل في تقنيات
التحرير الجيني، إلا أننا لازلنا على أول الطريق و ما في يدينا من أدوات يشبه
مصباح أديسون الأول. التطور النمائي علم جديد، لازال أمامنا الكثير لنتعلمه، و
العديد من الأخطاء لنقع فيها، لازالت الأسئلة الأهم عن أصل الحياة و الكون ذاته
تدفعنا للمزيد من البحث، البحث الذي طالما فاجئنا بنتائج تؤكد أن درجات التشابه
بينك و بين ذبابة الفاكهة و بين الفأر الأنيس البسيط هي أقرب بكثير مما كان يمكن
أن تظن، فأنتم نسخ مكررة من نفس الخطّة، تحملون نفس الجوهر الجيني الذي ورثتموه عن
أسلافكم، يدفع ذلك بنا بمحيط من التأمل و التساؤل عن: من أنا ؟!
المصادر
Biology crash course - Hank green
Biology Today by Sandra Gotterifid
Evolution and genetcs course, Yale courses
أصل الانواع - تشارلس داروين
ثلاث قصص علمية, د/أحمد شوقي
داروين مترددا - ديفد كوامن
نظرية التطور - ويكيبيديا الوسوعة الحرة
كتاب الأحياء - الصف الاول الثانوي - مصر
Biology Today by Sandra Gotterifid
Evolution and genetcs course, Yale courses
أصل الانواع - تشارلس داروين
ثلاث قصص علمية, د/أحمد شوقي
داروين مترددا - ديفد كوامن
نظرية التطور - ويكيبيديا الوسوعة الحرة
كتاب الأحياء - الصف الاول الثانوي - مصر
Evolution 1st - Bergstrom & Dugatkin









